الخميس، 9 يوليو 2020

خطبة : الإلحاح في الدعاء

أما بعد فاتقوا الله فإن تقوى الله –عز وجل- من أعظم ما يحقق معيةَ الله الخاصة المقتضيةَ للنصر والتأييد: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾. فمتى كان العبد مع ربه كان منتصرًا ومؤيَّدًا، إذ الخسران منه بعيدٌ ومستحيل، فالله لن يخذلَه يومَ الحوائج والكروب.
عباد الله: إن الله شرع هذا الدين وجعل من الطاعات والقربات ما يُقَرِّبُ منه سبحانه وتعالى، فجعل من الأعمال الصالحة ما تزكو به نفسُ المؤمن، ويخلُصُ قصدُه لله رب العالمين، ومن أعظم هذه العبادات الدعاء، فهو من أجلِّ القربات وعظيمِ العبادات، الدعاء شأنه عظيم، ونفعه عميم، ومكانته عالية في الدين، فيه تخليص العبيد من الاتجاه والتعلق بغير الله، قال ﷺ: (الدُّعاءُ هو العبادةُ) ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ 
أيها المؤمنون: إن الدعاء عبادة يتحقق بها التوحيد لرب العالمين، والله أمرنا بالدعاء ؛ ووعدنا بالإجابة : ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم﴾. والدعاء فيه قطع العلائق عن الخلائق، وفيه اعتماد القلب على الله والاستعانة به وتفويض الأمور إليه وحده -سبحانه وتعالى-، بل إن الله ليغضبُ حين يتركُ العبدُ سؤالَه؛ قال ﷺ: ( مَن لم يَسأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عليه )، وقال ﷺ(إنَّ اللهَ تعالى حييٌّ كريمٌ، يستحي إذا رفعَ الرجلُ إليهِ يديهِ أنْ يردهما صفرًا خائبتينِ).
وقال ﷺ: (لا يُغني حذرٌ من قدرٍ والدُّعاءُ ينفعُ ممَّا نزل وما لم ينزِلْ وإنَّ البلاءَ لينزِلُ فيلقاه الدُّعاءُ فيعتلِجان إلى يومِ القيامةِ) .
والدعاء ثمرته مضمونه، وربحه حاصل، قال ﷺ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا) . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : (اللهُ أَكْثَرُ). 
وهذا مشروط بشرط، قال ﷺ: (مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ) قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: (يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ).
إخوة الإيمان، الدعاء أنيسُ المؤمنِ عند الشدائد، ومسلِّيه عند اشتداد الكُرَبِ ونزولِ المصائب، فما استجلبت النعم بمثله، ولا استدفعت النقم والبلايا بمثله، وقال ﷺ:(لا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ) صحيح الترغيب والترهيب. وقال ﷺ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ) رواه الترمذي وحسنه الألباني في السلسلة.
﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ 
----------------------------
الخطبة الثانية
أما بعد، فيا عباد الله: إن أحسنُ الكلام في الشكوَى سُؤال المولَى زوالَ البَلوى، فاستدفِعوا أمواجَ البلاء بالتضرُّع والدعاء، فليس شيءٌ أكرمُ على الله -عز وجل- من الدعاء، وأعجزُ الناسِ من عجِزَ عن الدعاء، ولا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاءُ، فأكثِروا من الدعاء والمُناجاة؛ فإن الله يسمعُ دعاءَ من دعاه، ويُبصِرُ تضرُّع من تضرَّع إليه وناداه، ومن سألَ اللهَ بصدقٍ وضراعةٍ كشفَ عنه بَلواه، وحماه ووقاه وكفاه، وحقَّقَ له سُؤلَه ومُناه، خاصة في هذا الوقت الذي اشتد فيه انتشار الوباء ومات فيه خلق كثير واصيب به الملايين، ويقف العالم كله حائرا أمامه. ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ
فارفَعوا أكُفَّ الضراعة، وتوسَّلوا إلى الله بألوان الطاعة أن يرَحمَ حالنا وضعفنا.
اللهم اكشف عنا هذا الوباء، يا عالِم كل خفية، يا صارف كل بليّة، ندعوك بما اشتدت به فاقتنا، وضعُفت قوتنا، وقلت حيلتنا، اللهم ارحمنا، والطف بنا.
اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.
اللهم ادفع عنا وعن المسلمين كل شرٍّ ومكروه، اللهم ارفع الضر عن المتضررين مِن المسلمين في كل مكان، وجنِّبنا وإيَّاهم الفتن ما ظهر مِنها وما بطن.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك . اللهم اجعلنا ممن تعلقت قلوبهم بذكرك ودعائك والتوكل عليك .
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللهم واجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنًا وجميع بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم انصر جنودنا، واحفظ بلادنا يارب العالمين.
اللَّهُمَّ إنِّا نسْأَلُكَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك مِنْ زَوالِ نِعمَتِكَ، وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر لوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار. 
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

الخميس، 2 يوليو 2020

خطبة فضل الصدقة

أما بعد، فاتقوا الله يا عباد الله؛ فإن تقوى الله سبحانه وتعالى هي وصيَّة اللهِ للأوَّلين والآخِرين، يقول سبحانه: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ﴾ 
عباد الله، ينبغي لنا، بل يجب علينا التقرب إلى الله فيما بقي لنا في هذه الدنيا من أيام، سوف تمر كما مرت الأيام التي قبلها، ثم نرجع بعدها إلى ربنا، فيجزينا بما قدمنا، قال الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ 
وإن من العبادات العظيمة التي فيها إحسان إلى النفس وإلى الناس في كل الأوقات الصدقة. 
والصدقة أيها الأحبة تطفئ غضب الله عز وجل، وتدفع عن العبد المصائب والبلايا والخاتمة السيئة، بسبب رضا الرحمن عنه وإحسانه إليه لأنه تصدق، يقول ﷺ: "تصدقوا فإن الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَدْفَعُ مِيتَة السُّوءِ"
والصدقة تسد سبعين بابًا من السوء، وفيها تحصين للمال وإحلال للبركة فيه وزيادة له ونماء، ودفع للفقر والحاجة والفاقة عن صاحبها، يقول ﷺ:"مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا"
ويقول ﷺ : "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاِّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ" مسلم.
ولقد أخبرنا رسولنا ﷺ وهو الذي لا ينطق عن الهوى أن الصدقة دواءٌ للأمراض كلها، سواء منها الأمراض البدنية الحسية أو أمراض القلب المعنوية، فعَنْ أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: "دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ"
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ، ﷺ: "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ"
ومن ثمرات الصدقة أن المتصدق يكون في ظل صدقته يوم القيامة فعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: "كلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدقَتِهِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ" قَالَ يَزِيدُ: فَكَانَ أبو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ لا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إلاَّ تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيءٍ، وَلَوْ كَعْكَة، أوْ بَصَلَةً.
وليس هذا فحسب، بل إن الصدقة تكون مع صاحبها حتى يُدعى من باب خاص من أبواب الجنة يقال له باب الصدقة، فالله تعالى بكرمة ومنه جعل لكل عمل من أمهات الأعمال بابًا في الجنة يدخل منه أهله، فهناك باب للصلاة، وهناك باب للجهاد، وهناك باب للصوم، وهناك باب للصدقة، ففي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَاللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ"
والصدقة أجرها ثابت ولو كانت على البهائم أو الطيور، وخاصة في هذا الجو الحار؛ فبادروا بها واستكثروا منها قبل أن يحال بينكم وبينها، تصدقوا لأنفسكم، وتصدقوا عن أمواتكم؛ فإن الصدقة عن الميت من خير ما يُهدى له بعد الدعاء.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"
__________________
أما بعد: أيها الناس، روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"
عباد الله، الصدقة الجارية، هي الصدقة الدائمة النفع في حياة المسلم وبعد موته، فكل صدقة استمر نفعها والانتفاع بها، فهي صدقة جارية، فمن ذلك : بناء دور العلم، والمكتبات العامة، والمكتبات الخاصة لطلبة العلم، وشراء الكتب النافعة ونحوها من أوعية العلم المناسبة، وطبعها أو تصويرها أو نسخها ونشرها، كل ذلك داخل تحت الصدقة الجارية.
ومن الصدقات الجارية: فتح الطرق، وغرس الأشجار المثمرة، أو التي يستفاد منها بالظل ونحوه، وكذلك بناء المظلات على الطرق للمسافرين وغيرهم.
ومن الصدقات الجارية: دعم جمعيات البر الخيرية، وجمعيات تحفيظ القرآن، وغيرها من الجمعيات التي تخدم الناس علميًّا أو صحيًّا أو اجتماعيًّا.
ومن الصدقات الجارية بناء المساجد، وحفر الآبار على الطرق وفي الأماكن النائية، ووضع برادات المياه في المساجد وعلى الطرق، وفي الأماكن التي يجتمع فيها الناس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ سعدًا أتى النَّبيَّ ﷺ فقالَ : يا رسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي تُوفِّيَت ولم تُوصِ، أفينفَعُها أن أتصدَّقَ عنها؟ قال : "نعَم، وعليكَ بالماءِ"
واعلموا أن أحق من تصدقتم عليهم أقاربكم الذين لا تلزمكم نفقاتهم؛ فإن الصدقة على ذي القرابة يضاعف أجرها مرتين؛ فإنها على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة، وهكذا النفقات يبدأ الإنسان أولاً بنفسه، ثم بمن يعول، قال ﷺ: " ابدأ بمن تعولُ : أمَّكَ وأباكَ، فأختَكَ وأخاكَ، ثمَّ أدناكَ أدناكَ"
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم واجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنًا وجميع بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم انصر جنودنا، واحفظ بلادنا يارب العالمين.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللَّهُمَّ إنِّا نسْأَلُكَ العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك مِنْ زَوالِ نِعمَتِكَ، وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ، اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر لوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار. 
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
عباد الله، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.