الجمعة، 22 أكتوبر 2021

التحذير من الفرقة بين المسلمين وجماعة السرورية

 أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

فَاتَّقُوا اللهَ ياعباد الله اتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوى، وتَمَسَّكُوا بالعُرْوَةِ الوُثْقى. واسْأَلُوا اللهَ العَافِيةَ مِن كُلِّ عَمَلٍ غَيرِ صَالِحٍ، أو فِكْرٍ غَير ِسَوِيٍّ.

عِبَادَ اللهِ: انحرَافُ الفِكْر ِوعَدَمُ العِلْمِ، سَبِيلُ التَطَرُّفِ والفَسَادِ، وَخِيانَةِ العَهْدِ وَالمِيثَاقِ؟ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً﴾. 

وَوصيةُ نَبِيِّا ﷺ لَنَا بِقَولِهِ: (إنَّ اللهَ أَمَرَني بِالْجَمَاعةِ وأنَّهُ مَن خَرَجَ مِن الجمَاعَةِ شِبْراً فقد خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلامِ مِن عُنُقِه).

فعَقِيدَتُنَا بِحَمْدِ اللهِ تَجْمَعُ وَلا تُفَرِّقُ، قَامَتْ على مَبَادِئَ ثَابِتَةٍ، لا تُسَيِّرُهَا الأَهْوَاءُ، إنَّمَا تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ. شَرِيعَةٌ خَالِدَةٌ تَنْطَلِقُ مِنْ قَولِ اللهِ تَعَالىَ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا). 

إِنَّهُ دِينُ اللهِ وَحَّدَ قُلُوبَنَا، وَجَمَعَ شُعُوبَنَا، وَبَنَى تَلاحُمَنَا وَتَرَاحُمَنَا، قال ﷺ:" مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"

 عبادَ اللهِ: وَعَقِيدَتُنَا بِحَمْدِ اللهِ أَمَرَتْنَا بِالطَّاعَةِ وَلُزُومِ الجَمَاعَةِ كَمَا قَالَ رَسُولُنَا ﷺ: "مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ".

دِينُنَا بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى: نَظَّمَ العَلاقَةَ بَينَ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ وِفْقَ مَبَادِئِ الشَّرِيعَةِ الغَرَّاءِ، وَقَوَاعِدِهَا الرَّاسِخَةِ! 

قال ﷺ «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ». رَواهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللهِ: فِي ظِلِّ العَقِيدَةِ الخَالِصَةِ يَكُونُ الأَمْنُ وَتُحْفَظُ النُّفُوسُ وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ وتَأْمَنُ الطرق وتُقَامُ الحُدُودُ، وَتَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى الله وتُعمَرُ المسَاجِدُ، ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ ويحْصُلُ الاستِقْرارُ. 

ولا يَسْتَقيمُ أمرُ الدِّينِ إلاَّ مَعَ وُجُودِ الأمنِ.

ولقد وقف عُلَمَاءِ السُّنَّةِ الْمُعْتَبَرِينَ مَوْقِفَ الْمُحَذِّرِ مِنْ التفرق والانتماء لهَذِهِ الْجَمَاعَاتِ لِعِلْمِهِمْ الْجَازِمِ بِأَنَّهَا خِلَافُ النَّهْجِ النَّبَوِيِّ. 

وَغَالِبُ هَذِهِ الْجَمَاعَاتِ أُسِّسَتْ عَلَى طُرُقٍ صُوفِيَّةٍ مُخَالِفَةٍ لِمَنْهَجِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَوْ مَنَاهِجَ سِيَاسِيَّةٍ، وَغَالِبُهَا بُنِيَتْ عَلَى شِرْكِيَّاتٍ وَمُخَالَفَاتٍ وَبِدَعٍ وَمُحْدَثَاتٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ: فينبغي الْحَذَرُ مِنْهَا، وَعَدَمُ الِانْتِمَاءِ إِلَيْهَا؛ فَالْأَحْزَابُ تُفَرِّقُ وَلَا تَجْمَعُ. 

وَبِاِسْتِطَاعَةٍ كُلُّ مُسْلِمٍ الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ؛ دُونَما أَنْ يَعِيشَ تَحْتَ ظِلِّ جَمَاعَةٍ ؛ يَأْتَمِرُ بِأَمْرِهَا، وَيَنْتَهِي بِنَهْيِهَا؛ وَيَلْتَزِمُ بِتعَالِيْمهَا ؛ وَيُوَالِي بِهَا، وَيُعَادِي مِنْ أَجْلِهَا ؛ وَكُلُّ عُلَمَاءِ السنَّةِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَديثِ قَامُوا عَلَى الدَّعْوَةِ الْفَرْدِيَّةِ؛ دُونَما اِنْتِمَاءٍ لِحِزْبٍ أَوْ جَمَاعَةٍ. 

فَيَا مُسْلِمُونَ: الزَمُوا عُلمَائِكم النَّاصِحينَ، وتَشبَّثوا بِجماعَةِ المُسلمينَ، وطاعَةِ وُلاةِ أُمورِكم المُخلِصينَ وَتَذَكَّروُا قَولَ اللهِ تَعَالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). 

فَالَّلهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ إيَمانَاً صَادِقَا وَعَمَلاً مُتَقَبَّلا.

-------------------------------------------------------- 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ من الْوَاجِب عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْعُقَلاَءِ وَالْخطباء أَنْ يُبَصِّرُوا الأُمَّةَ فِي أَوْقَاتِ الْمِحَنِ بِمَوَانِعِ الْفِتَنِ: كَلُزُومِ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَالسَّيْرِ عَلَى نَهْجِ سَلَفِنَا الصَّالِحِ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى، وإِنَّ هُنَاكَ أُنَاسًا فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ خَالَفُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ، فِي مُعَامَلَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْمُسْلِمِ، وَهُمْ مَا يُسَمَّى بِالْجَمَاعَةِ السُّرُورِيَّةِ، وَهِيَ جَمَاعَةٌ تَفَرَّعَتْ عَنْ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ التِي لا يخفى على عاقل فساد مَنْهَجِهَا وخطر دعوتها.

وَإِنَّ مِنْ أُصُولِ السرورية إسقاط هيبة كبار العلماء كابن باز وابن عثيمين رحمهم الله وغيرهم واتهامهم بأنهم لا يفقهون الواقع.                             

ومن شر أهدافهم أيضاً: التنقص من شأن ولاة الأمر والطعن فيهم والتحريض على الخروج عليهم.          

ومنها: تزهيد الناس في كتب أئمة الدعوة وعلى رأسها كتب التوحيد ووصف هذه الكتب بالجفاء وقد وصف الشيخ الفوزان قائل هذا القول بأنه من دعاة الضلال نسأل الله العافية.                           

وَلِذَلِكَ فَعَلَيْنَا جَمِيعًا الانْتِبَاهُ مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَأَفْكَارِهَا، وَلا سِيِّمَا بَعْدَ وَسَائِلِ التَّوَاصِلِ الْحَدِيثَةِ، التِي جَعَلَتْ وُصُولَ الْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ سَهْلًا، حَتَّى رُبَّمَا تَشَرَّبَهَا الشَّبَابُ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنْصُرُونَ الدِّينَ، وَهُمْ فِي الْوَاقِعِ يَهْدِمُونَهُ وَيُضْعِفُونَهُ، فَإِنَّ الْبِدَعَ شَرٌّ وَبَلَاءٌ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلَيِّ الْعَظِيمِ.

فَاللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ، وَلا تَجْعَلْهُ مُشْتَبِهًا عَلَيْنَا فَنَضِل، اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ. 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ ودَمِّرْ أعداءَك أعداءَ الدِّينِ، وَأَرِنَا فِيهِم يومًا عجيبًا يَا ربَّ الْعَالَمِين

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلاَيَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. 

اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمّ احْفَظ جُنُودَنا الْمُرَابِطِين، اللَّهُمّ سَدَّد سِهَامِهِم وَآرَاءَهُم، وَثَبَت أَقْدَامِهِم، وَانْصُرْهُم عَلَى عَدُوَّك وَعَدُوِّهِم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

والحمد لله رب العالمين.