أما بعد: فَاتَّقُوا اللهَ يا عِبَادَ اللهِ وتمسكوا بدينكم وأدوا ما فرضه عليكم واستعينوا عليه بالصبر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
وإن مما فرضه الله عليكم الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام.
فيجب على كل مسلم أن يتعلم أحكام الصلاة وكل ما يتعلق بها.
عباد الله: يُشرَعُ للمسافرِ قَصْرُ الصَّلاة الرُّباعية إلى ركعتينِ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ﴾ وكذلك لفعل ﷺ بقصرة للصلاة حال سفره.
يجوز للمسافر أن يجمع ويقصر حتى ولو لم ينو الجمع أو القصر عند ابتداء الصلاة الأولى .
والقصْرُ لا يكونُ إلا في الصَّلاة الرباعيَّة، وأما صلاةُ الصُّبح والمغرب، فلا قصْرَ فيهما. وهي رخصة خاصة بالمسافر فلا يجوز القصر لغيره من مرض ونحوه .
أما الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما؛ كجمع الظهر مع العصر، وجمع المغرب مع العشاء تقديمًا أو تأخيرًا؛ فإنه يجوز للمريض إذا احتاج إليه؛ بأن كان الجمع أرفق به؛ فإنه يباح له الجمع في هذه الحالة، أما القصر؛ فلا يجوز للمريض؛ لأنه مقيم، والمقيم لا يجوز له القصر.
ويشترط للترخص برخص السفر نية المسافة لأكثر من ثمانين كيلو، ولا يشترط للترخص قطع هذه المسافة بل متى خرج ناوياً لها فله الجمع والقصر ولو كان قريبا من بلده.
ولا يجوز لمن أراد السفر الجمع أو القصر حتى يغادر مباني بلده، فمن قصر قبل ذلك فعليه أن يعيد صلاته، ويعيد الصلاة الثانية إن كان قد جمع.
وللمسافر أن يقصر الصلاة في السفر إذا نزل في بلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر.
وإذا أخر المسافر الصلاتين المجموعتين إلى حين دخول بلده الذي يقيم فيه فله حالان:
الحال الأولى: أن يدخل بلده قبل خروج وقت الأولى فيجب عليه أن يصليها تامة وفوراً قبل خروج وقتها
ولا يجوز له أن يؤخرها ليجمعها مع ما بعدها بعد أن يصل إلى بلده لأن رخص السفر قد انقطعت في حقه.
مثاله: مسافر راجع لبلده دخل عليه وقت المغرب فنوى جمعها مع العشاء، لكنه دخل بلده قبل أن يدخل وقت العشاء فهنا يصلي المغرب فور وصوله ولا يؤخرها للعشاء.
الحال الثانية: أن يدخل بلده بعد خروج وقت الأولى فيصليهما كاملتين بدون قصر.
مسافرٌ دخل عليه وقت الظهر وهو راجع لبلده فنوى جمعها مع العصر ووصل بيته بعد أذان العصر، فهنا يصلي الظهر 4 والعصر 4 لانقطاع سفره وزوال عذر القصر.
وللمسافر أن يجمع بين الصلاتين ولو كان يصل إلى بلده قبل خروج وقت الأولى،
مثاله مسافر اقترب لبلده فتوقف وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ووصل بيته قبل العصر فهنا إذا أذن العصر فلا يجب عليه يصلي مرة أخرى.
ومن دخل عليه وقت الصلاة وهو مقيم ثم سافر فإنه يصليها قصراً وله الجمع أيضاً إن كانت تجمع إلى ما بعدها.
فإذا ركبت سيارتك لتسافر فأذن الظهر وأنت لم تخرج من بلدك، ولما فارقت البلد وقفت للصلاة فيجوز أن تقصر وتجمع العصر معها أيضا
والصلاتان المجموعتان وقتهما واحد فصلاة الظهر وصلاة العصر لمن أراد جمعهما يبدأ الوقت لهما من دخول وقت صلاة الظهر إلى دخول وقت صلاة المغرب فما بين هذين الوقتين وقت للجمع فللمسافر أن يصليهما في أول الوقت أو آخره.
وإذا جمع الإنسان بين الصلاتين فالأفضل أن يأتي بأذكار الصلاة الأولى ثم الثانية، وإن اقتصر على أذكار الصلاة الأخيرة فلا بأس بذلك.
وإذا جمع المسافر المغرب مع العشاء جمع تقديم، جاز له أن يصلي الوتر بعد صلاة العشاء مباشرة، ولا ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الأصلي.
تنبيه: قبيل المغرب وقتٌ لا يجوز أن تؤخر الصلاة إليه إلا للضرورة وهو من حين اصفرار الشمس حتى تغرب.
لكن لو فاتتك صلاة العصر وتذكرتها أثناء اصفرار الشمس فيجب عليك أن تؤديها.
وكذلك لو نسيت صلاة من الصلوات الخمس وتذكرتها في هذا الوقت فيجب ان تصليها.
التنبيه الثاني: آخِرُ وقت صلاة العشاء هو منتصف الليل ولا يجوز تأخير الصلاة بعده.
والمسافر لا تلزمه الجمعة، لكن إذا حضرها أجزأته، إذا مر ببلد وصلى معهم أجزأته، وإلا فلا تلزمه.
واعلموا يا عباد الله أن المسافر إذا صلى خلف المقيم وجب عليه الإتمام إذا أدرك مع الإمام ركعة فأكثر، أما إذا لم يدرك معه إلا أقل من ركعة فلا يلزمه الإتمام .
ولا يجوز أن يجلس إذا قام الإمام للركعة الثالثة ومن فعل ذلك يجب عليه أن يعيد صلاته.
وكذلك لا يصح أن تترك الإمام يصلي ركعتين ثم تصلي معه الركعتين الأخيرة وتسلم، ومن فعل ذلك فعليه أن يعيد صلاته.
وخلاصته أن من يصلي مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع، هذا هو الواجب.
وإذا جاء المصلي والإمام في صلاة العشاء وهو لم يصلي المغرب، سواء كان معه جماعة أم لم يكن، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب، ولا يضر أن تختلف نية الإمام والمأموم لعموم قول النبي ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا للتشهد، ويبقون على جلوسهم حتى يسلم الإمام ويسلمون معه، وإن سلموا قبل الإمام فلا بأس.
وهذا خاص بالمسافر الذي يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب.
أما إذا دخل مسافر مع إمام مقيم فإنه يصلي مثله أربعا حتى لو لم يلحق إلا على ركعة واحدة.
الخطبة الثانية
أما بعد فاتقوا الله تعالى: ﴿وَأَن أَقيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقوهُ وَهُوَ الَّذي إِلَيهِ تُحشَرونَ﴾
عباد الله: اعلموا أن المسافر إذا فاتته صلاة وهو في السفر وأداها في الحضر فإنه يؤديها أربعاً، يسردها كلها لقول النبي ﷺ: (مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرهَا، وَلا كَفَّارَةَ لَهَا إلاَّ ذَلِكَ)، فإذا نسيها في السفر أو نام عنها فلم يتنبه إلا بعدما جاء بلده فإنه يصليها تامة كاملة ويسردها في الحال، سواء ثنتين أو ثلاث أو أكثر يسردها في الحال ولا يؤخر.
وهكذا لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة وقد خرج وقتها تامة فيصليها أربعاً في السفر إذا ذكرها، إن كان قد نسيها فإنه يصليها أربعاً إذا ذكرها في السفر، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها في الحضر فإنه يصليها أربعاً؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة فيصليها أربعًا، أما لو فاتته صلاة السفر وذكرها في السفر صلاها ثنتين، مثلًا نسي الظهر يوم الثلاثاء وذكرها في يوم الأربعاء وهو بالسفر ما زال في السفر يصليها قصراً لأنها تركها في السفر وتذكرها في السفر فيصليها قصراً ركعتين.
وهكذا لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة وقد خرج وقتها تامة فيصليها أربعاً في السفر إذا ذكرها، إن كان قد نسيها فإنه يصليها أربعاً إذا ذكرها في السفر، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها في الحضر فإنه يصليها أربعاً؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة فيصليها أربعًا، أما لو فاتته صلاة السفر وذكرها في السفر صلاها ثنتين، مثلًا نسي الظهر يوم الثلاثاء وذكرها في يوم الأربعاء وهو بالسفر ما زال في السفر يصليها قصراً لأنها تركها في السفر وتذكرها في السفر فيصليها قصراً ركعتين.
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً، وذريةً طيبةً يا رب العالمين، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه حيثُ قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،
اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ تقْوَاكَ ومخافتَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدينِ والدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بالظلمة المعتدين الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أولياءك.
اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين في كل مكان يارب العالمين.
اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين اللهم فرج همهم وارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم.
اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.