الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

خطبة جمعة: صور من البيوع المحرمة.

وَبعَدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ حَقَّ تُقَاتِهِ، اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغوا إليه الوَسِيلَةَ، واعْتَصِمَوا بِحَبلِه وَاسْعَوا إِلى مَرْضَاتِهِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا
أَيُّها النَّاسُ، شَرَائعُ الإسْلاَمِ بَعدَ تَوحِيدِ اللهِ وَإِخْلاَصِ العِبَادَةِ لَهُ نَوعَانِ: عِبَادَاتٌ وَمُعَامَلاَتٌ، فَالعِبادَاتُ هِيَ كُلُّ مَا يَكُونُ بَينَ العَبدِ وَرَبِّه مِنْ صَلاَةٍ وَصَومٍ وَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ وَطَاعَةٍ للأوَامِرِ وَاجْتِنَابٍ للنّوَاهِي، وَالمعَامَلاتُ هِيَ مَا يَكُونَ بَينَ العَبْدِ وَبَينَ غَيرِهِ مِمَّا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ مِنْ مُعَامَلاتٍ، وَأَهَمُّهَا مَا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ فِي مَجَالِ الأَموَالِ بِالبَيعِ وَالشِّرَاءِ وَالإِجَارَةِ وَنَحوِهَا، وَالمُسْلِمُ مُطَالَبٌ بِأَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُهُ وَمَعَامَلاَتهُ صَحِيحَةً عَلَى المَنْهَجِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَبَيَّنَهُ رَسُولُهُ الكَرِيمُ ﷺ.
أَيُّها الإخْوةُ، إِنَّ التَّعَامُلَ مَعَ النَّاسِ بَيعًا وَشِرَاءً وَنحَو ذلك أمرٌ خَطِيرٌ وَعَظيمٌ، وَلَقدْ جَاءَ الوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى مَنْ غَشَّ فِيها أَو خَدَعَ أَو أخذَ مَالَ أخِيه المُسْلِمِ بغَيرِ حَقٍّ، عَن أَبِي أُمَامةَ رَضِي اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينهِ فَقَدْ أَوجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَليهِ الجَنَّةَ)، فَقَالَ لَهُ رَجلٌ: وَإنْ كَانَ شَيئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:(وَإنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) رَوَاهُ مُسلِمٌ.
وَمِنْ عِظَمِ البَل‍يَّةِ وَخَطَرِ المُصِيبَةِ أَنَّ فئات مِنَ النَّاسِ لاَ يُلقُونَ لِجَانِبِ المُعَامَلةِ مَعَ الآخَرِينَ بَالاً، فَرُبَّمَا تَرى الرَّجُلَ كَثِيرَ الصَّلاَةِ وَالصَّوِمِ وَالزُّهْدِ وَالعبَادَةِ، وَلَكِنَّهُ إِذَا بَاعَ أَو اشْتَرَى غشَّ‌ وَخَدَعَ وَأَكَلَ أَمَوالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، بَلْ لرُبَّمَا احْتَالَ بِأنْوَاعِ الحِيَلِ عَلَى ذَلِكَ.
وَاللهُ تَعَالَى حِينَ يَجْمَعُ العِبادَ يومَ القِيامةِ يَقْتَصُّ بحُكمِهِ وَعَدْلِهِ لِبَعْضِهم مِنْ بَعضٍ، فَلاَ يَدَعُ لِصَاحِبِ حَقٍّ حَقًّا، وَلاَ لمَظْلومٍ مَظْلَمَةً، حَتَّى يَقْضِي سُبحَانَهُ بَينَ الخَلاَئِقِ، وَيُؤتَى كُلُّ إنْسَانٍ كِتابًا لاَ يُغَادِرُ صَغِيرةً وَلاَ كَبيرة‌ً إلاَّ أحْصَاهَا. يقول الله تعالى ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
لَمَّا كَاَنَ الأَمرُ كَذِلِكَ ـ أَيُّهَا الإخْوَةُ ـ رَأينَا أَنْ نُنَبِّهَ عَلَى بَعضِ المُعَامَلاَتِ المُحَرَّمَةِ الَّتِي تَكْثرُ بَينَ النَّاسِ، حَتَّى يَنْجُوَ المُسْلِمُ الحَرِيصُ مِنَ الُوقُوعِ في مَظَالمِ العِبَادِ، وَلِيَعْلَمَ النَّاسُ جَمِيعًا شَرعَ اللهِ، فَتَقُومَ عَليهمُ الحُجَّةُ، فَيعْلَمهُ مَنْ جَهِلَهُ.
فمن البيوع المحرمة، بيع الغرر كبيع اليانصيب، (أنت وحظك) وهذا حرام ولا يجوز.
فلابد أن يعلم المشتري السلعة، وصفتها، وأن يراها، ويعاينها قبل الشراء؛ ولذلك إذا باع لك شيء وقال: لا تفتشه، ولا تفتحه، إما أن تأخذه بكيفيته هذه، وحالته، وإلا انصرف، فلا يجوز له أن يفعل ذلك، وهو مجرم في حق الشرع؛ لأن بيع الغرر لا يجوز، فلابد أن يعاينه المشتري، وأن يفحصه؛ لكي لا يحدث غرر، وانخداع في عقد البيع، وهذه المسألة توجد أحياناً مع الأسف حتى في بعض المحلات التجارية، فإنهم يجعلون في شيء مغطى شيئاً مخفياً، ويبيعونها، ويقولون: أنت وحظك، فقد يخرج لك شيء سعره أقل مما دفعت، كلمة: أنت وحظك حرام لا تجوز، لابد من فتحها، ومعرفة ما بداخلها قبل البيع، وقبل تسليم الثمن، وعقد العقد، وإلا لا يجوز هذا أبدا.
ومن البيوع المحرمة: كتمان عيوب السلعة، وبعضهم يتحايل كما يحدث من حراج السيارات، فيأتي بالسيارة وينادي عليها ويقول: كومة من حديد، أمامك كومة من حديد افحصها أنت، يظنون أنهم بفعلهم هذا يسلمون من تبيين العيوب، كذبوا والله، كذبوا على الله وعلى عباد الله، بل وعلى أنفسهم، مادام أنه يعلم بأن في السيارة عيوباً، يلزمه شرعاً أن يبينها، وكلمة كومة من حديد، لا تنجيه عند الله عز وجل.
وكذلك لا يجوز أن يبيع شيئاً وقف لله تعالى، فإذا أوقف الرجل وقفاً لا يجوز له أن يبيعه لا يجوز بيع المسجد مثلاً، ولا أرض المسجد ولا أن يبني على أرض المسجد ولا أن يؤجر المسجد أو أرض تابعة للمسجد، ولا يأخذ من كهرباء المسجد، ولا شيء يملكه جميع المسلمين.
ومن أنواع البيوع المحرمة، بيع ماء الفحل وبيع الميتة، وبيع الدخان والتنباك والسويكة والقات، وبيع الدم، وبيع المضامين، وهو ما في أصلاب الفحول، وبيع حبل الحبلة، وهو حمل الناقة التي في بطنها جنين.
ولا يجوز بيع وسلف، وهو أن يقول: بعتك هذه الدار بمائة على أن تقرضني خمسين؛ قال ﷺ: (لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ).
ومن البيوع المحرمة: الإحتكار، قال رسول الله ﷺ: (لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ) والمحتكر هو الذي يعمد إلى شراء ما يحتاجه الناس فيحبسه، حتى إذا زادت حاجة الناس أخرجه وزاد في سعره، وهو بفعله هذا ظالم، ولهذا، كان لولي الأمر، أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، فإنه يجبر التجار على بيع الناس بقيمة المثل لو عُلم أنه محتكر.
ومن البيوع المحرمة: البيع بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
ومن البيوع المحرمة: بيع شيء حلال لشخص تعلم أنه يستخدمه في محرم، فإن كنت لا تعلم فالبيع جائز، كبيع العنب لمن يتخذه خمراً، وبيع السلاح أيام الفتنة، أو بيعه لأهل الحرب فكل هذا حرام، ومثله بيع أدوات الزينة على النصارى أيام احتفالاتهم بأعيادهم المحرمة، فكل هذا يعد من البيوع المحرمة، قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ .
فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَإيَّاكُمْ وَالخَوضَ فِي الدُّنْيَا وَنِسْيَانَ الآخِرَةِ، فَإِنَّ الحِسَابَ يَومَ القِيَامَةِ شَدِيدٌ.
----------------------------------------------------
أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أيُّهَا النَّاسُ، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، فِتنةً فِي تَحْصِيلِهَا وَفِتْنَةً فِي تَمْوِيلِهَا؛ فَأمَّا الفِتْنَةُ فِي تَحْصِيلِهَا فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِتحصِيلِهَا طُرَقًا مُعَيَّنَةً مَبْنيَّةً عَلَى العَدْلِ بَينَ النَّاسِ وَاسْتِقَامَةِ مُعَامَلَتِهم، بِحَيثُ تَكُونُ مِنْ وَجْه طَيِّبٍ لاَ ظُلْمَ فِيهِ وَلاَ عُدْوَانَ، وَلَكنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَم يَتَّقِ اللهَ ، فَصَارَ يَكْتَسِبُ المَالَ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أُتِيحَ لَهُ مِنْ حَلاَلٍ أَو حَرَامٍ، مِنْ عَدْلٍ أَو ظُلْمٍ، لاَ يُبَالِي بَمَا اكْتَسبَ، فَالحَلاَلُ عِندَهُ مَا حَلَّ بِيَدهِ، وَالحَرَامُ هُوَ مَا لم يَصِلْ إِليهِ، وَأصْبَحَ المالُ أَكْبَرَ هَمِّه وَشُغْلَ قَلْبِه وَنُصْبَ عَينِهِ، وَمَعَ ذَلكَ الهَمِّ وَالفِتْنةِ فَلَنْ يَأتِيَهُ مِنَ الرِّزْقِ إلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ، وَلنْ تَموتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وَأَجَلَهَا.
أيها المسلمون: هناك أنواعاً وأنواعاً من البيوع الجائزة، والتي أباحتها الشريعة.
فمن البيوع الجائزة: العربون، وصورته، أن يشتري المشتري شيئاً، ويدفع للبائع جزءاً من قيمته، ويكون عربوناً فيحجز البائع له هذه السلعة مدة معينة يتفقان عليها، فإذا حضر في المدة تم البيع واحتسب العربون من ضمن القيمة، وإلا فهي من حق البائع، هذا جائز ولا بأس به.
ومن أنواع البيوع التي أباحتها الشريعة: بيع الأجل، كأن تشتري شيئاً وتدفع ثمنه فيما بعد، سوءا تسلمه دفعة واحدة، أو على أقساط، أو دفعة مقدماً والباقي على أقساط، فهذا جائز ولا حرج فيه، لكن في غير الأصناف الربوية الستة التي نص عليها رسول الله ﷺ (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ: فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)
ومن البيوع الجائزة في الشريعة أيضاً: بيع السلم، وبيع السلم هو عكس بيع الأجل تدفع الثمن الآن، وتستلم المبيع فيما بعد، فلو ذهبت إلى مصنع وطلبت أن يصنع لك خزاناً، فيجوز أن تدفع الثمن كاملاً الآن، والخزان لم يصنع بعد، ويكون الخزان معلوماً موصوفاً في ذمة البائع، ويكون الاستلام بعد شهر، هذا جائز، تدفع الثمن الآن، وتأخذ البضاعة بعد شهر، هذا يسمى بيع السلم وهو مما أباحته الشريعة والحمد لله. لكن هذا النوع من البيع له شروط، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ: السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: (مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ). فلابد أن يكون المسلم فيه معلوماً، قدره، ووصفه، وثمنه.
اللَّهُمَّ اكْفِنِا بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِا بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ كما أمرَكم بذلك ربُّكم ربُّ العالمينَ فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
وقال ﷺ: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً)، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّد، اللَّهُمَ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً، اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ واجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ!
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجْمِعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى الحَقِّ، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظِّالِمِينَ، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعِبادِكَ أَجْمَعِينَ.
اللهم آمنا في أوطاننا واصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ.
رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا وكُلِّ أَرزَاقِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ.
عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ).
فاذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم، (ولذكرُ الله أكبرُ واللهُ يَعلَمُ ما تَصنَعُونَ).

خطبة استسقاء: أسباب الحرمان من المطر

الحمدلله الملك الحق المبين، الحمدلله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ، ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾، ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن في نزول الأمطار وتصريفها بين البلاد، عبرةً للمتذكرين من العباد ، وعظةً للمتعظين وحجة على الكافرين ، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا
ومن آيات الله في المطر أن الله قد يحبسه عن من شاء من خلقه بسبب ذنوبهم ليرجعوا إليه ويستغفروه قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ فالله سبحانه تعالى يرسل المطر لحكمة ويحبسه لحكمة فله سبحانه فيما يقدره حكم وأسرار فهو الحكيم الحميد.
عباد الله : اعلموا ان من اسباب الحرمان من الأمطار وزوال بركتها ، الربا الذي انتشر بين الناس ويظنون أنه من التجارة وقد ذكر الله سبحانه وتعالى حال المرابين في القرآن الكريم ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
الربا صاحبه ملعون، قال ﷺ: (لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ) وقال: هم سواء أي سواء في اللعنة والإثم، الآكل والدافع والمعين على ذلك بالكتابة أو الشهادة كلهم ملعونون على لسان رسول الله ﷺ.
فمن كان يتعامل بالربا فليتب إلى ربه.
ومن أسباب الحرمان من الأمطار الظلم الذي انتشر بيننا مثل من يأخذ مال عامل مسكين أو يجحد حقه او يفرض عليه مبلغ مالي يأخذه منه كل شهر أو كل سنة.
وعلى المسلم أن يحذر من ظلم العامل وأكل حقه فقد شدد الإسلام في تحريم ذلك، فقال النبي ﷺ قال: (ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ). رواه البخاري.
ومن الظلم جحد حقوق الناس، فمن كان عليه دين في دكان أو سلف فليعجل بإعطاء الناس حقهم ولا يماطلهم أو يجحد حقوقهم.
وقد ورد في السنة الصحيحة زجر أكيد ووعيد مخيف لمن تساهل في حقوق العباد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْ). رواه البخاري.
واعلموا أن أعظم أسباب فقدان الأمن ، عدم شكر الله على نعمه،  فكم رأينا وسمعنا عن التبذير والإسراف، يقول ربنا جل وعلا في كلامه العظيم ، مصورًا لنا واقعا يعانيه مجتمع اليوم : ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾،
ومن اسباب فقد الاستقرار والامن وانحباس المطر، ابتعاد الناس عن التقوى والإيمان ، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِـم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ فإذا أردتم الامطار والبركات فعليكم بالتوبة واكثروا من الإستغفار. ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾
ألا فاعلموا أن الاستغفار ، أمان من عذاب الله الشديد ، وأمن يوم الوعيد ، قال الولي الحميد : ﴿وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك ، اللهم ارحمنا بترك المعاصي أبداً ، فضلاً منك ومنَّاً.
عباد الله : ما أحلم الله على عباده ، ما أعظم صبر الله ، ما أطول إمهال الله ، الله يمهل ولا يهمل ، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم ، وابتداء الإثم ، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبداً ، عدلاً منه وقسطاً ، ولكنه غفور رحيم ، رؤوف كريم ، قال العزيز العليم: ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً﴾
ألا فاتقوا الله أيها الآباء والأمهات ، وقوموا بما أوجب الله عليكم من أداء الأمانات ، فارعوا أبناءكم وبناتكم، وأدوا أماناتكم ، فقد أمركم بذلك مولاكم ، فقال ربكم : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لنا وارحمنا ، وتب علينا وسامحنا.
عباد الله : إن من أعظم المعاصي، ضياع شعيرة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، في كثير من مجتمعات الإسلام ، الشعيرة التي أمر بها الملك العلام ، نرى شبابنا وأولادنا يفعلون المنكرات ويشربون المسكرات و يتسكعون في الطرقات ولا نأمرهم بالمعروف ولا ننهاهم عن المنكر، حتى انتشرت المصائب والمشاكل ، فويل لمن لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن منكر ، ولعله لم يسمع قول الله تعالى آيات مسطرة سائدة ، في سورة المائدة ، فقد قال الله تعالى : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾
فلابد من الأخذ على أيدي السفهاء ، وإلا وقع في الأرض فساد كبير ، وشر مستطير ، تدق معه اجراس الخطر ، تأخذ الصالح والطالح ، قالﷺ: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغِّيِروه ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ)
عباد الله : قالﷺ: (منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ)
أيها الإخوة: قد يتسائل البعض كيف نصلي الاستسقاء وقد مطرت بعض المناطق في الأيام السابقة، نقول أنه تشرع صلاة الاستسقاء إذا نزل المطر في مناطق دون أخرى فيكون استسقاؤنا بالنسبة لإخواننا الذين لم يصبهم المطر، وكما تعلمون أن بعض المناطق لم يصبها المطر وقد أمر خادم الحرمين الشريفين بإقامة صلاة الإستسقاء لتكاتف المسلمون بالدعاء لأنفسهم وإخوانهم بالخير والبركات.
اللهم يا باسط اليدين بالعطايا ، اغفر لنا الذنوب والرزايا، والسيئات والخطايا ، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء ؛ أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ،
اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً ، سحاً غدقاً طبقاً مجللاً ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق ، اللهم لتحيي بها البلاد ، وتسقي به العباد ، ولتجعله بلاغًا للحاضر والباد ، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم إنا خلق من خلقك ، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك ،
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً ، اللهم إنك أمرتنا بدعائك ، ووعدتنا إجابتك ، فقد دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدتنا ،
اللهم فامنن علينا بمغفرة ذنوبنا ، وإجابتنا في سقيانا ، وسعة أرزاقنا، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً ، سحاً غدقاً طبقاً مجللاً ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق ، اللهم لتحيي بها البلاد ، وتسقي به العباد ، ولتجعله بلاغًا للحاضر والباد ، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا ، اللهم إنا خلق من خلقك ، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، نستغفر الله ، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً ، فأرسل السماء علينا مدراراً.
عباد الله، اقتدوا بنبيكم  في قَلْبِ أَرْدِيَتِكم، تفاؤلا بقلب الأحوال وتبدلها من حال إلى حال، واستقبلوا القبلة وأكثروا من الدعاء.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

صور من ضعف التوكل على الله

إن الحمد لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فيا أيها المؤمنون، عباد الله، اتقوا اللهَ واعبدُوه وحدَه لا شريكَ له، وأفرِدُوه سبحانه وتعالى بالرَّغبةِ والرَّهبةِ والخوفِ والرجاءِ والسؤالِ والتوكُّلِ، فإن التوكلَ جماعُ الإيمانِ، فإنه لا إيمانَ لمن لا توكُّلَ معه، قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، وقال عز جنابُه: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
فاتقوا اللهَ عباد الله، وحقِّقوا إيمانَكم بصدقِ الاعتمادِ عليه جلَّ شأنُه في جلبِ كلِّ خيرٍ، واعلموا أيها المؤمنون، أنه لا يستقيم لكم إيمانٌ إلا بالتوكُّلِ على اللهِ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾؛ أي: لا يرجون سِواه، ولا يقصدون إلا إيَّاه، ولا يلوذون إلا بجَنابِه، ولا يطلبون حوائِجَهُم إلا منه، ولا يرغبُون إلا إليه، ما شاءَ كانَ وما لم يشأْ لم يكنْ، لا معقِّبَ لحكمِهِ، ولا رادَّ لقضائِهِ، ربُّ المشرقِ والمغربِ، لا إله إلا هو فاتخذوه وكيلاً.
أيها المؤمنون: إن من أكبرِ الآفاتِ وأعظمِ الآثامِ التي بُلِيَ بها كثيرٌ من الناسِ ضعفَ التوكُّلِ على اللهِ، والتعلقَ بغيرِه، والاعتمادَ على سواه.
أيها المؤمنون: إن علاماتِ ضعفِ التوكلِ على اللهِ تعالى كثيرةٌ في حياةِ الناسِ اليومَ، فمن تلك المظاهرِ:
أن كثيراً من الناسِ إذا نزلت بهم الأمراضُ، أو أصابتهم الأسقامُ ، تعلقَّت قلوبُهم بالأسبابِ الحِسيّةِ، وغَفلوا عن قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾، فتجد فريقاً ممن أُصيبوا بالأمراضِ علَّقوا قلوبَهم بالأطباءِ أو الأدويةِ، ورجوا منهم الشفاءَ وزوالَ الدَّاءِ، ومنهم فريقٌ يلاحقُ السحرةَ والمشعوذين، يرجو منهم رفعَ البلاءِ، وكشفَ الضَّرَّاءِ، فخربوا قلوبَهم لإصلاحِ أبدانِهم، ففسدت قلوبُهم، ووَهِنَت أبدانُهم ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾.
فاتقوا الله عباد الله، فإن من أتى عرَّافاً أو ساحراً أو كاهناً فسأله فصدقه فقد كَفَرَ بما أنزلَ على محمَّدٍ ﷺ، فكيف يا عبدَ الله، تطلُبُ الشفاءَ من السَّحَرةِ والكَفَرةِ الذين لا حولَ لهم ولا قوةَ، وتغفلُ عن اللهِ الذي يجيبُ المضطَّرَّ إذا دعاه ويكشفُ السوءَ؟!
كيف تيأسَ من روحه ورحمتِه، وقد وسعت رحمتُه كلَّ شيء؟! أما سمعت نبيَّ الله أيوبَ ،عليه السلام، وهو يقول: ﴿وَأَيّوبَ إِذ نادى رَبَّهُ أَنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ﴾؟!
ألم ترَ كيف أجابه الكريمُ المنانُ ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ﴾.
فاتقوا الله عباد الله، وإياكم إياكم إياكم أن تأتوا هؤلاءِ الكهنةَ والمشعوذين تحتَ أيِّ ظرفٍ، فلأن تموتَ يا عبد الله، مريضاً موحِّداً مؤمناً خيرٌ لك من أن تموتَ صحيحاً معافىً مشرِكاً، فـ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾.
وليحذر المسلم ممنلا يعرف الله إلا في الشدة كما وصفهم الله بقوله ﴿وَإِذا مَسَّ الإِنسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنبِهِ أَو قاعِدًا أَو قائِمًا فَلَمّا كَشَفنا عَنهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَم يَدعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلمُسرِفينَ ما كانوا يَعمَلونَ
أيها المؤمنون: إن من مظاهرِ ضعفِ التوكلِ أنهم إذا نزلت بهم المصائبُ، وأصابتهم النوائبُ فزِعُوا إلى غيرِ مفزعٍ، وفرُّوا إلى غيرِ مهرَبٍ، فتجِدُ الواحدَ من هؤلاء إذا نالتْه نائلةٌ توجَّه إلى مخلوقٍ مثلِه يطلبُ شفاعتَه وغوثَه وتحقيقَ طلبِه، ولو أنَّ هؤلاء صدَقُوا اللهَ لكانَ خيراً لهم، طرقوا كلَّ بابٍ، وسلكوا كلَّ سبيلِ، إلا أنهم غفلوا عن اللهِ، الذي إذا أرادَ شيئاً قال له كنْ فيكونُ، فإنه سبحانه قد قال: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾؛ أي: كافٍّ من يَثِقُ به في نوائبِهِ ومهماتِه، يكفيه ما أهمَّه وأقلقَه.
فاتقوا الله عباد الله، وأنزلوا حاجاتِكم بالذي ينادِي كلَّ ليلةٍ، فيقولُ: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألُني فأعطيه؟ من يستغفرُني فأغفر له؟
جاء رجلٌ إلى الربيع بن عبد الرحمن يسأله أن يكلِّمَ الأميرَ في حاجةٍ له، فبكى الربيعُ رحمه الله، ثم قال: أيْ أخي، اقصُدْ إلى الله عزَّ وجلَّ في أمرِك تجدْه سريعاً قريباً، فإني ما طلبت المعونةَ من أحدٍ في أمرٍ أريدُه إلا اللهَ، فأجِدُه كريماً قريباً لمن قصدَه وتوكَّلَ عليه.
عباد الله، إن من مظاهرِ ضعفِ التوكُّلِ عند بعضِ الناسِ: التشاؤمَ، والتطيرَ ببعضِ الأسماءِ أو الأشخاصِ أو الأرقام أو الألوانِ أو الأيام أو الشهورِ وغير ذلك، فإن ذلك من الشِّركِ المحرَّمِ قال ﷺ: «من رَدَّتْه الطِّيرةُ عن حاجتِه فقدْ أشرَكَ».
فاتقوا اللهَ عباد الله، واعلموا أنه لا يأتي بالحسناتِ إلا اللهُ جلَّ وعلا، ولا يدفعُ السيئاتِ إلا اللهُ سبحانه، فعلِّقوا قلوبَكم باللهِ يا عبادَ اللهِ، واعتقدوا قولَه جل وعلا: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الذي لا إلهَ إلا هو، عليه توكَّلتُ وعليه فليتوكَّلُ المتوكِّلون، أحمدُه جل وعلا، فهو كافٍ من يتوكَّلُ عليه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وأن محمَّدا عبدُه ورسولُه ﷺ.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وتوكلوا عليه ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير﴾.
عبادالله: إن من ثمرات التوكل على الله أن إيمان العبد لا يتحقق إلا بالتوكل عليه سبحانه فقال تعالى:﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
ومن ثمرات التوكل على الله طمأنينة النفس وسكونها وعدم الشعور بالقلق أو التوتر.
التوكل على الله من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى الله تعالى، وقد أمرنا الله عز وجل بالتوكل علي في الطاعة، قال تعالى:" إياك نعبد وإياك نستعين"، وثبت عن النبي ﷺ أنه يقول  في كُلِّ صَلَاةٍ (رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).
من ثمرات توكل العبد على الله عز وجل أنه يكفيه من كل هم وضيق، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾، وقال تعالى أيضا: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾.
التوكل علي الله عز وجل يستوجب حب الله، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.
التوكل علي الله سبحانه وتعالى سبب من أسباب النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة والفوز بالجنة بغير حساب، يقول الرسول ﷺ: (عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ -أي: كيف تأتي يوم القيامة - فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ ، وَالنَّبِىُّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِىُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِى ، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ -الذين آمنوا مع موسى جمع كبير-. ثُمَّ قِيلَ لِى انْظُرْ. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا. فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وحينما سئل ﷺ عنهم قَالَ: هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ الطيرة التشاؤم بالمرئيات والمسموعات هذه الطيرة، ما أمضاك وردك بسبب التشاؤم، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ يعني لا يسألون الناس أن يرقوهم ، وَلاَ يَكْتَوُونَ يعني إذا مرضوا ما يكتوون ولكن يجوز الكي، الرسول ﷺ رخص في الكي فقال ﷺ (الشِّفَاءُ في ثَلَاثَةٍ : في شَرْطَةِ مِحْجَمٍ ، أو شَرْبَةِ عَسَلٍ ، أو كَيَّةٍ بِنَارٍ ، وأنا أَنْهَى أُمَّتِي عن الْكَيِّ) ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
هذا؛ وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَاِرْضِ اَللَّهُمَّ عَنِ البَرَرَةِ الأَتْقِيَّاءِ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَليّ، وَعَنْ جَمِيعِ الصحابةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدِين.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسلَامَ وَالمُسلِمِين، وَأَذِلَّ الكُفرَ وَالكَافِرِين، وَانصُر عِبَادَكَ المُوحِّدِين، وَدَمِّر أَعدَاءَكَ أَعدَاءَ الدَّين، واجعَل هَذَا البَلَدَ آمِناً مُطمَئِنًّا وَسَائرَ بِلادِ المُسلِمِين.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي الأوطَانِ وَالدُّور، وَأَصلِح الأَئِمَة ووُلاةَ الأمُور، وَاجعَل وِلايَتَنَا فِيمَن خَافَكَ وَاتَّقَاك، وَاتَّبَعَ رِضَاك يَا رَبَّ العَالَمِين.
اللَّهُمَّ وَفِّق وَليَّ أَمرِنَا لِهُدَاك، واجعَل عَمَلَهُ فِي رِضَاك، وَهيِّئ لَهُ البِطَانةَ الصَالِحةَ، اللَّهُمَّ وَفِّقُه وَوليَّ عَهدِه الأَمِين لِمَا فِيهِ خير البلاد والعباد، واسلُك بِهم سَبِيلَ الرَّشاد، وارزُقهُما الرَأيَ السَّدِيد، والعَمَلَ الرَّشِيد يَا سَمِيع الدُّعَاء.
اللَّهُمَّ أَبرِم لِهذِهِ الأمَّة أَمرَ رُشدٍ يُعزُّ فِيهِ أَهلُ طَاعَتِك، وَيُهدَى فِيهِ أَهلُ مَعصِيتِك، وَيُؤمَرُ فِيهِ بِالمعرُوف، وَيُنهَى عَن المُنكَر يَا رَبَّ العَالَمِين.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ وَفَتَيَات الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَجَنِّبْهُمْ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ، اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ انصُر عِبَادَكَ الُمستَضعَفِين، فِي اليَمنِ وَفِي سُورِيا وَفِي العِرَاقِ وَفِي فِلسطِين وَفِي كُلِ مَكَان، اللَّهُمَّ قَد مَسّهُم الضُّر، اللَّهُمَّ قَد مَسَهُم الضُّر وَحَّل بِهم الكَرب، واشتَّدَ عَلَيهِم الأَمر، تَعَرَضُوا للظُلمِ والطُغيَان، وَالتَّهجِير وَالحِصَار اللَّهُمَّ انتصر لهم، وَتَولَّ أَمرَهُم، وَاكشِف كَربَهُم، وارفَع ضُرهم، وَعَجِّل فَرجَهم، واجمَع كَلِمَتَهم، يَا رَبَّ العَالَمِين.
اللَّهُمَّ احفَظ وَسَدِّد جُنُودَنا المُرابِطِين عَلَى ثُغورِنا وَحُدُودِنا، المُجاهِدِين لِحفظِ أَمنِ بِلادِنا وَأَهلِنا وَدِيَارِنا الُمقدَّسة، اللَّهُمَّ سَدَّد رَميَهُم، وَثَبَّت أَقدَامَهُم، وانصُرهُم عَلَى عَدُوك وَعَدُوهِم يَا سَمِيعَ الدُّعاء.
اللَّهُمَّ اغفِر لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا اللَّهُمَّ مَن كَانَ مِنهُم حَياً فمتِّعهُ بِالصِحَةِ عَلَى طَاعَتِك واختِم لَنَا وَلَه بِخير، وَمَن كَانَ مِنهُم مَيِّتاً فَوَسِّع لَهُ في قَبرِهِ وَضَاعِف لَهُ فِي حَسَنَاتِه، وتَجاوزْ عن سيئاتِه واجمَعنَا بِهِ فِي جنَّتِك يا رَبَّ العالمين. اللَّهُمَّ اغفر ذنوبنا، وفرج همومنا، واقضِ ديوننا، واشف مرضانا، وعاف مبتلانا، يا ربَّ العالمين.
عِبادَ الله:ِ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ






منقول بتصرف

https://almosleh.com/ar/index-ar-show-25.html

الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

خطبة جمعة: تصويب أخطاء المصلين

الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد: فَإِنّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ ومراقبته بالليل والنهار فهو القائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا حَافَظَ عَلَى دِينِهِ ! هِيَ سِرُّ النَّجَاحِ وَأَصْلُ الْفَلَاحِ ! لِأَنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، قاَلَ ﷺ: (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ).
ولقد كان النبي ﷺ يعلّم الصحابة صفة الصلاة فرادى وجماعات، بل صلى على المنبر ليروه ويقتدوا به، وأمر الجميع أن يصلوا كصلاته، كما أخرج البخاري في صحيحه من حديث مالك بن الحويرث قال ﷺ: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)، وَلاَشَكَّ أَنَّ تَعْظِيمَ الصَّلَاةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِوَقْتِهَا وَخُشُوعِهَا وَخُضُوعِهَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا، وَالْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ أَجْرُهَا وَأَثَرُهَا، وَإِذَا أَمْعَنَّا النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ !نَجِدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤَدِّيهَا بِلَا رُوحٍ وَخُضُوعٍ وَخُشُوعٍ، مَعَ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَخْطَاءِ فِيهَا.
فمن هذه الأخطاء: بل على رأسها والتي تبطل الصلاة بها وتجعلها غير نافعة لصاحبها، عدم الطمأنينة في الصلاة، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها ولا جلوسها، بل ينقرها نقرًا، ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً.
والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها، فكما أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة الفاتحة ولا تصح إلا بالركوع والسجود، فكذلك لا تصح الصلاة إلا بالطمأنينة.
وكيفية الطمأنينة في الصلاة بيّنها النبي ﷺ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة http://www.alminbar.net/images/radia-icon.gif أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، فَقَالَ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)
أي: إن صلاتك باطلة ـ فرجع فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ له ﷺ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) وفي المرة الثالثه لما له ﷺ: (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)، قَالَ الرجل: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي، قَالَ ﷺ: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا).
هذه كيفية الطمأنينة في الصلاة.
وَمِنَ الأَخْطَاءِ فِي الصَّلَاةِ: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لا يَقْرَأُ فِيهَا، أَوْ رُبَّمَا قَرَأَ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ وَلا لِسَانَهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ صَلَاةَ هَذَا بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ لا بُدَّ فِيهَا مِنْ قَرَاءَةٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَسْبِيحَاتٍ وَقِرَاءَةٍ لِلتَّحَيِّاتِ، فَمَنْ لَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ وَلا ِلِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ فَصَلاتُهُ لا تَصِحُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ وَيُعِيدَهَا. وهذا لا يعني أن تجهر في الصلاة جهراً يؤذي من حولك، ولا أن تجهر في الصلاة السرية فتزعج من حولك من المصلين، بل ترفع صوتك بقدر ما تُسمعُ نفسك.
ومن الأخطاء إقامة الصلاة قبل دخول الإمام بدون عذر: فإذا أقام جماعة الصلاة قبل حضور الإمام الراتب، ولم يكن الإمام الراتب قد أذن لهم في ذلك، ولم يكن لهم عذر في إقامة تلك الصلاة، بحيث لم يتأخر الإمام عن الوقت المعتاد، فإنه لا يجوز الدخول والصلاة معهم ؛ لكونهم معتدين على حق الإمام، آثمين بافتئاتهم عليه .
أما كون بعض الناس يتسرع ويقيم قبل أن يأتي وقت الصلاة، فهذا غلط لا يجوز، وليس لأحد أن يتقدم على الإمام الراتب قبل مجيء الوقت المعتاد إلا بإذنه.
ومن الأخطاء الصلاة في المسجد قبل إقامة الصلاة بدون عذر: فمن المعلوم أنه يجب على المسلم أن يصلي الجماعة في المسجد إذا قدر على ذلك .
فإذا وجد عذر، فلا حرج عليه أن يصلي قبل صلاة الجماعة منفرداً، ثم ينصرف .
ومن الأعذار: أن يتذكر أن له مالاً يخاف عليه من السرقة أو مريضاً لا بد من مرافقته أو موعداً يتضرر بتركه، أو غير ذلك من الأعذار المسقطة لصلاة الجماعة .
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: مَنْ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ جَلَسَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، أو يبقى قائماً، قَالَ ﷺ: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَبَعْضُهُمْ وَخُصُوصًا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَدْخُلُ وَالْإِمَامُ يُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الثَّانِيَ، فَيَقِفُ يَنْتَظِرُ وَيُتَابِعُ الْآذَانَ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ شَرَعَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ هُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِيَتَفَرَّغَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْمُؤَذِّنِ سُنَّةٌ، وَاسْتِمَاعَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ،وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّنَةِ .
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: التَّنَفُّلُ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ إِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ)
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: الصَّلَاةُ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ دُونَ عُذْرٍ، وَقَدْ رَأَى ﷺ رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَوَقَفَ حَتَّى انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اسْتَقْبِلْ صَلاتَكَ أَيْ أَعِدْ صَلاَتَكَ، فَلا صَلاةَ لِرَجُلٍ فَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ)
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ التِي كَثُرَتِ الآنَ: الصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ، فَمَا أَكْثَرَ الرِّجَالِ الذِينَ يُصَلَّونُ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَهُمْ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ الْمَآذِنِ حَوْلَهُمْ، وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ، وَتَرْكُهَا مُحَرَّمٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ)

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلى خَيْرِ خَلْقِهُ أَجْمَعِينَ نَبِيُّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعين وَمَنْ اِهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أُمًّا بَعْد: فَاتَّقَوْا الله وحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَن تُحاسَبُوا، وَلِيَعْتَنِ المُسْلِمُ وَلِيَهْتَمَّ بِتَحْقِيقِ النِّيَّةِ الخَالِصَةِ لِلهِ تَعَالَى فِي أَعْمَالِهِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ، وَلِتَكُنْ أَعْمَالُهُ كُلُهَا الظَّاهِرَةُ وَالبَاطِنَةُ مُطَابِقَةٌ لكتاب الله وسُّنَةِ نبيه محمد ﷺ.
قال أهل العلم: "إن قول النبي ﷺ: (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ) هذا الحديثُ ميزانٌ للأعمالِ الظَّاهِرَةُ، وأصلٌ عظيمٌ من أصولِ الإسلام، وقوله ﷺ: (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) هذا الحديث ميزانٌ للأعمال البَاطِنَة، وأصلٌ عظيمٌ من أصولِ الإسلام".
عبادالله: إن مِنْ الْأَخْطَاءِ في الصلاة الدُّعَاءُ لِلْوَالِدَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: وَهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي السَّنَةِ.
وَكَذَلِكَ مِنْ الْأَخْطَاءِ: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِـَنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ)
ومن الأخطاء: أن يقوم المصلي ليقضي ما فاته من الصلاة قبل أن ينتهي الإمام من التسليمة الثانية.
فإذا قام يقضي قبل التسليمة الثانية فقد أخطأ؛ لأن الصواب أن التسليمة الثانية لا بد منها، ذهب جمهور أهل العلم: إلى أن التسليمة الأولى تكفي، ولكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا بد من التسليمة الثانية، فإذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فقد ترك أمراً مفترضاً وهو الجلوس حتى يسلم إمامه، فالذي ينبغي أن يقضي الصلاة، أن يعيد الصلاة خروجاً من الخلاف، واحتياطاً لدينه.
ومن البدع الصلاة في الصلاة وضع اليد على الرأس بعد الصلاة: فمن الناس بعد السلام من انتهاء الصلاة يضع يده فوق رأسه ويقول‏:‏ إنها سنة‏.‏
فليس من السنة وضع اليد فوق الرأس بعد السلام من الصلاة، وإنما فعل ذلك من البدع المحدثة.
ومما يفعله البعض: رفع اليدين بالدعاء بعد صلاة الفريضة: ولم يثبت عن النبي ﷺ أنه رفع يديه بعد الفريضة بل السنة أنه يذكر الله ويدعو لكن من دون رفع يدين بعد الفرائض الخمس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)
فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادِ اللَّهِ، وَحَافِظُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ تَكُنْ ذُخْرًا لَكُمْ، وَأَحْضِرُوا قُلُوبَكُمْ فِيهَا، تَكُنْ نُورًا لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ  ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ
أَسْأَلُ اللّه تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصْفَاتِهِ العلا أَنْ يَفْقِهَنَا فِي صَلَاتِنَا، وَأَنْ يُعِينَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى تَصْحِيحِهَا، وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَمَّا وَقَعْنَا فِيهِ مِنْ أَخْطَاءِ، إِنَّهُ وَلِيَّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ.
اَللَّهُمَّ أَنَا نَسْأَلُكَ أَنْ تَهْدِينَا إِلَى السُّنَنِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ الفِتَنِ، اَللَّهُمَّ إِهْدِنَا إِلَى السُّنَنِ وأعذنا مِنْ الفِتَنِ
وَاُرْزُقْنَا الاِقْتِدَاءَ بِنَبِيِّكَ وَالاِقْتِدَاءَ بِسَنَتِهِ وَالتَّمَسُّكَ بِهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي سَيْطَرَتْ فِيهِ الفِتَنُ،
اَللَّهُمَّ أَعَنِّا عَلَى التَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ رَسُولِكَ وَحَبِيبِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عباد الله: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَاِرْضِ اَللَّهُمَّ عَنِ البَرَرَةِ الأَتْقِيَّاءِ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَليّ، وَعَنْ جَمِيعِ الصحابةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدِين.
اَللَّهُمَّ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، وَأَذَلَّ الشِّرك والمشركين، وَاحِمِ حَوْزَةِ الدِّينِ، وَأَجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آَمِنًا مطمئناً وَجَميعِ بِلَادِ المُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ اُنْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي سُورِيَا وَالعِرَاقِ وَاليَمَنِ وَفِلَسْطِينَ وَبُورْمَا وَفِي كُلِّ مَكَانٍ, اللهم أنصرهم وثبت أقدامهم، اَللَّهُمَّ اُنْصُرْ المُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَثَبِّتهم عَلَى كَلِمَةِ الحَقِّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ آَمِنّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِح أَئِمَّتَنَا وولاة أُمُورِنَا، وَأَجْعَل وِلَايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتقاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اَللَّهُمَّ وَفْقَ وَلِيُّ أَمَرِنَا لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ مِنْ الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، اَللَّهُمَّ أَصْلَحُ لَهُ بِطَانَتُهُ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ،
اللَّهُمَّ إِنِّا أنسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ
عِبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ