أمّا بعد: فاتّقوا الله تعالى ايها الناس اتقُوا الله حقَّ التّقوى واستمسكوا بالعروة الوثقى.
عبادَ الله، إنّ مِن خُلُق المؤمن وفاءَه بالعهودِ والتِزامَه بالعقود، ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، فهو إذا وعَد أوفَى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. هَكذا خلُق المؤمن، صِدقٌ في تعاملِه، فلا كذِبَ ولا غِشَّ، ولا خيانة ولا غَدر، ولكن التزامٌ بما التزَم به ووفاءٌ بهذا كلِّه؛ طاعةً لله وعبادةً يتقرَّب بها إلى الله.
عبادَ الله، إنّ مِن خُلُق المؤمن وفاءَه بالعهودِ والتِزامَه بالعقود، ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، فهو إذا وعَد أوفَى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾. هَكذا خلُق المؤمن، صِدقٌ في تعاملِه، فلا كذِبَ ولا غِشَّ، ولا خيانة ولا غَدر، ولكن التزامٌ بما التزَم به ووفاءٌ بهذا كلِّه؛ طاعةً لله وعبادةً يتقرَّب بها إلى الله.
وليس من خلق المؤمن جحد حقوق العباد والمماطلة فيها.
فيحرم على المسلم أن يماطل أو يتأخر في سداد الدَّين الذي عليه وهو قادر على الوفاء، فمن مات وعليه دين لن يغفر له دينه حتى لو كان شهيداً، قال ﷺ: (يغْفِرُ اللَّه للشَّهيدِ كُلَّ ذنب إلاَّ الدَّيْنَ)، والمماطلة في سداد الدين من الذنوب العظيمة التي نهى عنها الرسول ﷺ وهو داخل في ظلم الأموال وقد عدها بعض أهل العلم من الكبائر، ولذلك قال النبي ﷺ: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ). متفق عليه. وقد نص الفقهاء على أن المماطل فاسق ترد شهادته لظلمه وتهاونه بالحقوق.
وهذا التصرف من المدين يحل للدائن أن يشتكيه عند الحاكم ويحل للحاكم حبسه حتى يوفيه دينه لأنه ظلمه في ماله لقول الرسول ﷺ: (لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ). رواه أبوداود. وإذا لم يجد سبيلا عليه أبيح له أن يدعو عليه لأنه مظلوم والشرع جعل للمظلوم دعوة مستجابة كما قال النبي ﷺ: (اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ). متفق عليه.
والمماطل المذموم شرعا والمستحق للتعزير في الدنيا والعقوبة في الآخرة هو القادر على الوفاء بماله أما المعسر الذي لا يجد مالا ولا يستطيع الوفاء فمعذور شرعا ولا يحل شكايته ويجب إنظاره لأنه معذور ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ولذلك قال الله عز وجل: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ).
ومن كان عنده دين لأحد قد مات فإنه يسلمه لورثته إذا مات، ولا يكتم ذلك ولا يتصدق به، بل يعطيه للورثة.
وإذا كان على الإنسان دين ولم يجد صاحب الدين، بأن: انتقل إلى مكان آخر أو سافر، ولم يدر عنه ولم يعرفه، فإنه بعد التحري وبعد بذل المستطاع في التعرف عليه أو على مكانه، فإذا عجز فإنه ينتظر المدة المناسبة لعله يأتي صاحبه إليه، وإن لم يأت فإنه يتصدق بذلك على الفقراء والمساكين، أو يصرف ذلك في بعض المشاريع الخيرية، كتعمير المساجد وما أشبه ذلك، ويكون الأجر لصاحبه، ينويه عن صاحب المال، ثم إذا جاء صاحب المال فهو بالخيار، إن شاء قبل الصدقة وصارت له الصدقة، وإن شاء طلب حقه فتعطيه حقه ويكون الأجر لك فيما تصدقت به.
واعلموا ياعباد الله أنه يحرم تأخير مستحقات الاجراء كالعمال والموظفين يحرم تأخيرها عن وقت الاستحقاق، وهو تمام العمل، أو نهاية المدة المتفق عليها، فإذا كان الاتفاق على جعل الراتب شهريا، لزم دفعه للعامل في نهاية كل شهر، وتأخيره عن ذلك من غير عذر يعد مطلاً وظلما كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة (14/390): عن صاحب عمل لا يعطي العاملين لديه أجورهم إلا عند سفرهم لبلادهم، والعاملون يرضون بذلك لقلة حيلتهم وقلة فرص العمل ولحاجتهم للمال.
فأجابوا:"الواجب: أن صاحب العمل يعطي الأجير عنده راتبه بعد نهاية كل شهر، كما هو المتعارف عليه بين الناس اليوم، لكن إذا حصل اتفاق وتراض بينهما على أن يكون الراتب مجموعا بعد سنة أو سنتين فلا حرج في ذلك ؛ لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: (المسلمون على شروطهم)" انتهى.
ويجب على من يقوم بالعمل أن يلتَزِم ويقومَ بالواجب فإذا أخلّ العامل أو الأجير بشرط العمل أو انسحب أو هرب قبل تمام العمل المتفق عليه، فإنه لا يستحق الأجرة المتفق عليها (الراتب) إلا إذا أتم ما يطلب منه من الأعمال المتفق عليها في العقد.
وجاء في" فتاوى اللجنة الدائمة" ( 15 / 153):
" الواجب على من وكل إليه عمل يتقاضى في مقابله راتبا أن يؤدي العمل على الوجه المطلوب، فإن أخل بذلك من غير عذر شرعي لم يحل له ما يتقاضاه من الراتب" انتهى.
فاتقوا الله -عباد الله- وراقبوه وردوا الحقوق إلى أهلها، واعلموا أن الله لم يجعل رزقكم فيما حرم عليكم: (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا)
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغننا بفضلك عمن سواك
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اما بعد فيا عباد الله: إن أذية الناس لا تقتصر على الحقوق فقط فلها أنواع كثيرة خطيرة منها: أذية الناس بإزعاجهم بأصوات السيارات أو مايسمى بالبوري من غير حاجة عند البيوت وفي الأسواق وفي المنتزهات، أو أصوات برفع أصوات الأغاني والشيلات أو الرقص والصراخ خاصة في الأماكن العامة، أو إزعاجهم بالرمي بالأسلحة أو بالألعاب النارية.
ومن أذية الناس مضايقتهم في طرقاتهم وشوارعهم وفي الأماكن العامة بإلقاء الأذى فيها من النفايات والأوساخ والنجاسات، وبعض الناس لا يبالي بوضع هذه الأشياء في طرقات المسلمين، ولا يبالي بالمحافظة على البيئة، وقد أخبر النبي ﷺ أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأنها من شعب الإيمان، مما يدل على أنه مطلوب من المسلم أن يزيل الأذى عن طريق المسلمين، فكيف بمن يؤذي المسلمين في طرقاتهم وأماكنهم العامة.
أيها الإخوة الكرام: لا تؤذوا الناس، واحرصوا على الطيبات، وتحلوا بالأخلاق الحسنة والتيسير على عباد الله؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا﴾
وصلوا وسلموا -يا عباد الله- على من أمركم الله -تعالى- بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن جميع الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين
اللهم عليك بمن سفك دماء المسلمين، اللهم عليك بمن اعتدى على حرمات بيوت الله، اللهم عليك به وبمن عاونه وأيده، اللهم أجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يارب العالمين.
اللهم ارحم من مات من اخواننا المسلمين في نِيُوزِلَنْدَا اللهم ارحم الْقَتْلَى، وَايَجْعَلَ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُمْ، وَارْبِطَ عَلَى قُلُوبِ ذَوِيهِمْ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ، اللهم عَافِي الْجَرْحَى وعليك بمن اعتدى عليهم.
اللَّهُمَّ احْقِنْ دِماءَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بالطغاة الظالمين وَمَنْ أَعَانَهُمْ مِنَ الكُفَّارِ وَالمُنافِقِينَ. اللهم آمنا في أوطاننا...
عباد الله! ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق