إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ: فاتقوا اللهَ أيها المسلمون والمسلمات، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
معَاشِرَ الإخْوَةِ: إنَّ مما تواطَأَتْ عليه الشريعةُ وأكَّدت على تحريمِه الشريعةُ حرمةَ ترويع المسْلِم وإلحاقِ الأَذَى فيه، سواءٌ كان المروِّعُ جادًّا أم هازِلًا، ولو كان أخاه أو صديقَه، وبأي طريقةٍ حدث هذا الترويعُ فهو محرَّمٌ، بل عدَّه أهلُ العلْمِ كالذَّهبيِّ وغيرِه مِن الكبائر، الَّتي لا يغفرُها اللهُ إلا بتوبةٍ، ولا تمحوها الطاعاتُ؛ ولهذا جاء في صحيح مسلِمٍ عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ: "مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الملاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ"
وروى الطبرانيُّ من حديث ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا: أن النبي ﷺ قال:"مَنْ أَخَافَ مُؤْمِنًا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(الأوسط:2350)، بل رَوى البيهقيُّ عن عبد الله بن عَمْرو مرفوعًا أن النبي ﷺ قال: "مَنْ نَظَرَ إلَى مُسْلِمٍ نَظْرَةً يُخِيفُهُ فِيهَا بِغَيْرِ حَقٍّ أَخَافَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"(شعب الإيمان:7468).
عباد الله ؛ النبي ﷺ لَا يُحِبُّ أَنْ يَتَرَوَّعَ أَصْحَابُهُ، وَلَا أَنْ يُرَوِّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بعض أَصْحَابَهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، كَانُوا فِي مَسِيرٍ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ ﷺ لَهُمْ: " مَا يُضْحِكُكُمْ؟ "، فَقَالُوا: أَخَذْنَا نَبْلَ هَذَا فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: " لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا " رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ. وَقَالَ ﷺ: " لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ صَاحِبِهِ لَعِبًا جَادًّا، وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ، فَلْيَرْدُدْهَا عَلَيْهِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
فَهَكَذَا يُرَبِّي النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ، وَيَرْتَفِعُ بِهِمْ عَنْ سَفَاسِفِ الأُمُورِ وَمُحْتَقَرِهَا، وَيَسْمُو بِهِمْ، عَنْ كُلِّ مَا يُكَدِّرُ صَفْوَهُمْ، وَيُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ. فَالنَّهْيُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ الأَخْذِ جَادًّا ظَاهِرٌ؛ لأَنَّهُ سَرِقَةٌ، وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الأَخْذِ لَعِبًا؛ فَلأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِإدْخَالِ الْغَيْظِ وَالأَذَى عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ الْمُرَوَّعِ، وَضَرَبَ الرَّسُولُ ﷺ الْعَصَا عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ؛ لأَنَّهَا أَقَلُّ شَيْءٍ يُرْتَاعُ عِنْدَ اِخْتِفَائِهِ؛ فَمَا هُوَ أَثْمَنُ وَأَهْمُّ مِنْهَا يَدْخُلُ فِي الَّنهْيِ مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ فَيَدْخُلُ فيِ النَّهْيِ مَثَلًا مَنْ أَخَذَ مَحْفَظَةَ نُقُودِ غَيْرِهِ، وَمَفَاتِيحَ سَيَّارَتِهِ، وَأَجْهِزَتَهُ الإِلِكْتُرُونِيَّةَ، وهَذِهِ أَكْثَرُ الأَشْيَاءِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا الْمُزَاحُ الْمَذْمُومُ مِنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ .
وأشد من هذا إذا صاحب الفعل تصوير وتوثيق فيشهر به أمام العالم ليضحكهم عليه وليكسب بذلك عدد مشاهدات ومتابعات!
فَمَا يُسْمَّى بِالْمَقَالِبِ، أَوِ الْكَامِيَرا الْحَفِّيَّةِ ، أَوْ سَمِّهَا مَا شِئْتِ ؛ يُعَدُّ مِنَ الْمِزَاحِ الثَّقِيلِ ، وَالَّذِي فِيهِ تَرْوِيعٌ مُخِيفٌ ، يَصِلُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِمُسْتَوى الْجَرِيمَةِ؛ فَيَزْرَعُونَ الْبسَمْةَ عَلَى شِفَاهِهِمْ عَلَى حِسَابِ شِفَاهٍ أَصَابَهَا الْخَوْفُ وَالْفَزَعُ ، وَكَادَ التَّرْويعُ أَنْ يَقْتُلَهَا ، ثُمَّ تَجِدُ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ، يُضْحَكُ مِلْأَ فِيهِ، وَيَفْحَصُ الأَرْضَ بِقَدَمَيْهِ، بَلْ قَدْ يَسْتَلْقِي مِنْ شَدَّةِ الضَّحِكِ عَلَى قَفَاهُ.
ضَحِكٌ جَاءَ عَلَى حِسَابِ كَرَامَةِ ، وَصِحَّةِ ، وَعَقْلِ ، وَعِرْضِ؛ آخَرِينَ . بَلْ قَدْ يَكُونُ مَنْ صَنْعَ هَذَا الْمَوْقِفَ مِنْ أَخَصِّ أَصْحَابِهِ، وَبِئْسَتِ الصَّحْبَةُ هَذِهِ
عِبَادَ اللَّهِ، وَهَذِهِ الْمُسَمّاةُ بِالْمَقَالِبِ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَنْ تَكُونَ: إِمَّا كَذِبًا ؛ وَهُوَ حَرامٌ بِالْاِتِّفَاقِ، وَتَزْدَادُ إِثْمًا إِذَا كَانَتْ بِقَصْدِ إِضْحَاكِ الآخَرِينَ، وَيَشْتَدُّ إِثْمُهَا إِذَا صَاحَبَهَا تَرْوِيعٌ لِلْمُسْلِمِينَ ؛ فَاِشْتَدَّتْ حُرْمَتُهَا لِهَذِهِ الأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ، وَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُخْفِي سَيَّارَةَ أَوْ هَاتِفَ صَاحِبِهِ وَيُرَوِّعُهُ؛ فَيَفْزَعُ صَاحِبُهُ بِالْبَحْثِ عَنْهَا وَإذَا سَأَلَهُ عَنْ مَكَانِهَا نَفَى عَلْمَهُ بِهِ؛ رَغْمَ مَعْرِفَتِهِ بِمَكَانِهَا ؛ لِأَنَّهُ هُوَ َمَنْ أَخْفَاهَا ، أَوْ سَاعَدَ فِي إِخْفَائِهَا؛ وَهَذَا كَذِبٌ صَرِيحٌ، وَزادَ عَلَى هَذَا الْكَذِبِ تَرْوِيعُهُ لَهُ .
بَلْ إِنَّ بَعْضَهُمْ أَطْعَمَ أَصْحَابَهُ مِنَ اللُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ بِدَعْوَى الْمِزَاحِ. بَلْ لَقَدْ تَسَبَّبَ هَذَا الْمِزَاحُ الثَّقِيلُ فِي ِهَدْمِ بُيُوتٍ، وَتَشْتِيتِ أُسَرٍ؛ فَكَمْ مِنِ اِمْرَأَةٍ طُلِّقَتْ بِسَبَبِهِ! وَكَمْ تَخَاصَمَ زَوْجَانِ وَتَهَاجَرَا بِسَبَبِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَسْتَمِعُ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُكَلِّمُ زَوْجَتَهُ فِي الْجَوَّالِ، فَيَتَحَدَّثُ بِصَوْتٍ، مُحَاكِيًا صَوْتَ أُنْثَى؛ لِيُوهِمَ زَوْجَةَ صَاحِبِهِ أَنَّ بِجِوَارِ زَوْجِهَا أُنْثَى، لَا تَعْلَمُ هَلْ هِيَ بَغِيٌّ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى؛ فَيَدُبُّ بَيْنَهُمَا الشِّقَاقُ وَالْخِلاَفُ.
وَاُنْظُرْ – يا رَعَاكَ اللهُ- إِلَى الْمُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي اِرْتَكَبَهَا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ بِدَعْوَى الْمِزَاحِ : فَفَضْلًا عَمَّا تَسَبَّبَ فِيه مِنْ شِقَاقٍ وَخِلَافٍ بَيْنَ زَوْجَيْنِ ، وَصَدْعٍ قَدْ لَا يَلْتَئِمُ؛ فَهُوَ يُقَلِّدُ صَوْتُ اِمْرَأَةٍ ، وَهَذَا مُحَرَّمٌ قَطْعًا ، وَفَاعِلُهُ مَلْعُونٌ بِنَصِّ السُّنَّةِ ؛ فَالرَّسُولُ ﷺ (لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ )، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَبَعْضُهُمْ يَقَعُ فِي التَّزْوِيرِ لِيُفْسِدَ الْبُيُوتَ؛ حَيْثُ يَطْبَعُ بِطَاقَاتِ زَوَاجٍ مُزَوَّرَةٍ لِأَحَدِ أَصْحَابِهِ، وَيُرْسِلُهَا لِبَيْتِ صَاحِبِهِ ؛ لِيُوهِمَ زَوْجَتَهُ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَ عَلَيهَا.
وُوصَلَ الأَمْرُ بِالبَعْضِ مِنْهُمْ إِلَى أَنْ يَقُومَ بِسَحْبِ أَصْحَابِهِ وَهُمْ نِيَامٌ، وَيَرْبِطَهُمْ فِي السَّيَّارَةِ، ثُمَّ يَسْحَبُهُمْ بِطَرِيقَةٍ جُنُونِيَّةٍ؛ فَيُعَرِّضُهُمْ لِلخَطَرِ، فَتُقَطِّعُ الصَّحْرَاءُ أَجْسَادَهُمْ، وَقَدْ تَضْرِبُ الصُّخُورُ رُؤُوسَهُمْ؛ فَتَقْتُلُهُمْ. مَوَاقِفُ تَقْشَعِرُّ مِنْهَا الأَبْدَانُ، وَتَحَارُ فِيهَا العُقُولُ، وَتَجْعَلُكَ تَتَسَاءَلُ مُتَحَيِّرًا: أَيَصْنَعُ ذَلِكَ إِنْسَانٌ عَاقِلٌ، أَوْ مَنْ ذَاقَ يَوْمًا نِعْمَةَ العَقْلِ؟ لَا وَرَبِي، لَا يَصْنَعُهَا عَاقِلٌ بَلْ إِنَّ المَجْنُونَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا العَاقِلِ، بَلْ وَلَا يَصْنَعُهَا عَدْوٌ عَاقِلٌ. وَهُنَاكَ حَوَادِثُ أَشَدُّ وَأَشْنَعُ، وَلَسْتَ بِصَدَدِ إِحْصَائِهَا، وَلَكِنْ ذَكَرْتُهَا مِنْ بَابِ ضَرْبِ الأَمْثِلَةِ؛ فَلِنَتَّقِ اللهَ بِأَنْفُسِنَا.
اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
**********
———— الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:—————
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ :
فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
عُبَّادَ اللهِ، كَمْ مِنْ رِجَالٍ اِسْتَغَلُّوا طِيبَةَ بَعْضِ رِفَاقِهِمْ، وَسَلَامَةَ صُدُورِهِمْ، وَضَعْفَ شَخْصِيَّاتِهِمْ، أَوْ ضَحَالَةَ تَفْكِيرِهِمْ، أَوْ قِلَّةَ جَاهِهِمْ، أَوْ قِلَّةَ ذَاتِ يَدِهِمْ؛ فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِمْ بِهَذَا المِزَاحِ الْمُحَرَّمِ هُمُومًا وَغُمُومًا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ، وَرَوَّعُوهُمْ أَيَّمَا تَرْوِيعٍ! أَيَظُنُّ أُولَئِكَ، الَّذِينَ رَوَّعُوا أَصْحَابَهُمْ أَنَّ أَفْعَالَهُمْ الْمُشِينَةَ السَّيِّئَةَ سَتَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْسِيَّةً، وَلَيْسَتْ ذُنُوبًا عَلَيْهِمْ مَحْصِيَّةً؟! قَالَ اللهُ تَعَالَى : (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
• عِبَادَ اللهِ، إِذَا سَوَّلَتْ لأَحَدِنَا نَفْسُهُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُحَرَّمَةَ؛ فَلْيُذَكِّرْهَا بِاللهِ، وَلْيَقُلُ لَهَا: (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، وَلْيُذَكِّرِ الْجُلَسَاءُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِحُرْمَةِ هَذِهِ الأَفْعَالِ.
وَلْيَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ ﷺ : (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) رواه البخاري. وقوله ﷺ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فَمَنْ صَنَعَ هَذِهِ الْمَوَاقِفَ؛ لَا يَرْضَى قَطْعًا أَنْ يُسْحَبَ بِالصَّحْرَاءِ، وَلَا أَنْ تُفْسَدَ عَلَيْهِ زَوْجُه، وَلَا أَنْ تُخْفَى عَلَيْهِ حَاجَتُهُ.. وَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الأَصْحَابِ يَرْضَوْنَ بِمَثَلِ هَذِهِ الأَفْعَالِ، وَهِيَ دُيُونٌ؛ يَرُدُّهَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ؛ فَيُقَالُ لَهُمْ: المُوَافَقَةُ عَلَى أَمْرِ حَرَّمَةُ الشَّرْعُ؛ لَا يَعْنِي حَلَّهُ؛ فَآكِلُ الرِّبَا وَمُوَكِلُهِ قُدْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ الفِعْلِ المُحَرَّمِ، فَهَلْ يُصْبِحُ هَذَا الفِعْلُ الْمُحَرَّمُ حَلَالًا لِمُجَرَّدِ رِضَاهُمْ؟!
رَزَقَنَا اللهُ الْخَوْفَ مِنَ الْجَلِيلِ، وَالفِقْهَ فِي الدِّينِ.
ثم اعلموا أن اللهُ تَعَالَى امرنا فِي كِتَابِهِ بالصلاة على نبيه ﷺ فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ العظيم، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
اللهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، وَأَعِنَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَالشَيْطَانِ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنْ الفَحْشَاءِ وَالـمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
بتصرف من خطب الشيخ/ د. صالح بن مقبل العصيمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق