الحَمْدُ للهِ الَّذِيْ أَرْسَلَ رَسُوْلَهُ بِالهُدَى وَدِيْنِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُوْنَ، وَأشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ لِلْبَشَرِيَّةِ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيْراً، وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيْراً، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِيْراً.
أَمَّا بَعْدُ عِبادَ الله: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ، وَالتَّمَسُكِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَمُصْطَفَاهُ، ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ﴾.
مَعَاشِرَ المؤْمِنينَ: إِنَّ اللهَ الخَالِقَ الحَكِيْمَ ﷺ، خَلَقَنَا وَأَوْجَدَنَا فِي هَذِهِ الحَيَاةِ لِغَايَةٍ عَظِيْمَةٍ وَحِكْمَةٍ جَلِيْلَةٍ، بَيَّنَهَا فِي كِتَابِهِ الكَرِيْمِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾.
فَلَمْ يَخْلُقْنَا عَبَثاً وَلَمْ يَتْرُكْنَا هَمَلاً إِذْ قَالَ ﷺ: ﴿أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ* فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ﴾، بَلْ أَرْسَلَ إِلَيْنَا أَفْضَلَ رُسُلِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا خَيْرَ كُتُبِهِ، وَشَرَعَ لَنَا أَكْمَلَ شَرَائِعِهِ.
عَبَادَ اللهِ: إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِنَا أَنْ بَعَثَ فِيْنَا مُحَمَّدًا ﷺ، فَأَخْرَجَنَا بِهِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوْرِ وَمِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الهِدَايَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۢ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾.
وَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ عزوجل بِالإِيْمَانِ بِهِ وَتَصْدِيْقِهِ، وَاتِّبَاعِهِ، وَتَقْدِيْمِهِ عَلَى النَّفْسِ وَالمالِ وَالوَلَدِ؛ وَجَعَلَ طَاعَةَ النّبِيِّ ﷺ مِنْ طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَقَالَ: ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾.
وقال سبحانه وتعالى:﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يَقُوْلُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي هذه الآية "وَلاَ يِتِمُّ لَهُمْ مَقَامُ الإِيْمَانِ، حَتَّى يَكُوْنَ الرَّسُوْلُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَضْلاً عَنْ أَبْنَائِهِمْ وَآبَائِهِمْ".
لَقَدْ بَلَّغَ نَبِيُّنَا ﷺ الرِّسَالَةَ أَحْسَنَ بَلاَغٍ، وَأَدَّى الأَمَانَةَ أَحْسَنَ أَدَاءٍ، وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، فَجَزَاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيّاً عَنْ أُمَّتِهِ.
فعَلَى يَدَيْ هَذَا الرَّسُوْلِ الكَرِيْمِ كَمُلَ الدِّيْنُ، وَبِهِ خُتِمَتِ الرِّسَالاَتُ، وَهُوَ خَلِيْلُ اللهِ وَكَلِيْمُهُ، وَهُوَ صَفِيُّهُ وَحَبِيْبُهُ، وَلاَ يَدْخُلُ أَحَدٌ الجَنَّةَ إِلاَ بِطَاعَتِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فقَدْ أَبَى) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: إِنَّ رَسُوْلَنَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ لَهُ حُقُوقٌ وَوَاجِبَاتٌ عَلَيْنَا، يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُوْمَ بِهَا، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُوْلِهِ ﷺ،
وَأهَمُّهَا: الإِيْمَانُ بِهِ، وَمَحَبَّتُهُ، وَطَاعَتُهُ، وَمُتَابَعَتُهُ، وَالاقْتِدَاءُ بِهِ، وَتَوْقِيْرُهُ، وَتَعْظِيْمُ شَأْنِهِ، وَوُجُوبُ النُّصْحِ لَهُ، والذَّبُّ عَنْهُ، وَمَحَبَّةُ آلِ بَيْتِهِ وَمَحَبَّةُ أَصْحَابِهِ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ.
ومن مظاهر توقير النبي ﷺ: الغضب له والغيرة عليه عندما يُذْكر اسمه بسوء أو يُمس جنابه بأذى، فإن جنابه أعظم جناب، فمن حام حوله بسوء فهو المجرم الملعون، وهو الآثم الظالم المأفون، لا خير فيه، ولا حق له ولا احترام ولا كرامة، كما قال عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا).
فالواجب على أتباع النبي ﷺ أن أن يقوموا لله دفاعاً عن رسول الله، فما في الدنيا أجلّ ولا أشرف ولا أعظم حقا منه.
عباد الله: لا أسوأ من أن يندفع مسلم للدفاع عن الرسول ﷺ وهو لم يلتزم بدينه وعقيدته وسنته ولم يتخذه قدوة في حياته ويبلغ السوء منتهاه أن من كان خلقه القرآن يُدافع عنه كثيرون بأخلاق وضيعة وكلمات شنيعة وسلوكات فظيعة.
فأظهروا الإسلام للعالم من واقعكم وبأخلاقكم قبل مواقعكم وأوراقكم!
--------------------------------------
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللِه: إِنَّ مِنْ التَّفَاعُلِ الإِيْجَابِيِّ المَحْمُوْدِ مَعَ هَذَا الحَدَثِ الشَّائِنِ المُؤْلِمِ؛ أَنْ نَنْصُرَ رَسُوْلَنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِزِيَادَةِ التَّمَسُّكِ بِسُنَّتِهِ، وَأَنْ نَتَدَارَسَ مَعَ أَوْلَادِنَا وَأَهْلِيْنَا وَأَقَارِبِنَا سِيْرَتَهُ العَطِرَةَ، وَأَنْ نَنْشُرَ بَيْنَ النَّاسِ تَعَالِيْمَهُ، وَأَنْ نَقْتَدِيَ بِهَدْيِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحَالٍ، لَا أَنْ نُفْرِدَ لِذَلِكَ يَوْماً وَاحِداً فِي العَامِ ثُمَّ نَغْفُلَ عَنْ نُصْرَتِهِ وَالتَّأَسِّيْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَمِمَّا يُذْكَرُ فَيُشْكَرُ فِي هَذَا المَقَامِ مَوْقِفُ وُلَاةِ أَمْرِنَا وَفَّقَهُمْ اللهُ فِي هَذِهِ البِلَادِ المُبَارَكَةِ، وَكَذَلِكَ مَا أَصْدَرَتْهُ الهَيْئَاتُ الِإسْلَامِيَّةُ المُعْتَبَرَةُ وَعَلَى رَأْسِهَا هَيْئَةُ كِبَارِ العُلَمَاءِ فِي بِلَادِنَا حَرَسَهَا اللهُ، إِذْ أَدَانُوا تِلْكَ الِإسَاءَةَ وَشَجَبُوْا وَصْمَ دِيْنِنَا بِالِإرْهَابِ الَّذِي هُوَ مِنْهُ بَرَاءٌ، فَجَزَاهُمْ اللهُ عَنْ الإِسْلَامِ وَنَبِيِّهِ خَيْرًا.
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: إِنَّ مِنْ آكَدِ حُقُوْقِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ كَثْرَةَ الصَّلاةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾.
وَمَعْنَى صَلاةُ اللهِ عَلَيْهِ: تَعْظِيْمُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ الْمَلاَئِكَةِ: الدُّعَاءُ، أَمَّا صَلَاةُ المُؤْمِنِينَ وَسَلَامُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا وَرَدَ بِالصِّيَغِ الشَّرْعِيَّةِ المُتَعَدِّدَةِ الوَارِدَةِ فِي السُّنَّةِ.
وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا، فَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: (أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْراً)
فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِيْنَ الطَّاهِرِيْنَ، وَعَلَى زَوْجَاتِهِ الطَّاهِرَاتِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إَلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ عَنَّا مَعَهُمْ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ ﷺ وَطَاعَتَهُ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ، وَشَرِّفْنَا بِالدِّفَاعِ عَنْهُ وَالذَّبِّ عَنْ عِرْضِهِ، وَأَكْرِمْنَا وَوَالِدِيْنَا وَأَحْبَابَنَا بِنَيْلِ شَفَاعَتِهِ، وَالوُرُوْدِ عَلَى حَوْضِهِ، وَالشُّرْبِ مِنْ كَوْثَرِهِ بِيَدِهِ الشَّرِيْفَةِ شَرْبَةً هَنِيْئَةً لَا نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَداً يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِيْنَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ
اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَينَا نِعْمَةَ الأَمْنِ وَالإيْمَانِ، وَاحْفَظْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَارْزُقْهُمْ طَاعَتَكَ وَمَخَافَتَكَ فِي السِّرِّ والعَلَنِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَأَعِزَّ بِهِ دِيْنَكَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
رَبَّنَا تَقَبلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، وَتُبْ عَلِينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ، وَاغفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسلِمِينَ وَالْمُسلِمَاتِ، الأَحيَاءِ مِنْهُم وَالأَمواتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوات. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾، فَاذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الجَلِيْلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ وَآلَائِهِ يَزِدْكُمْ، ﴿وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ﴾.