الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد: فَإِنّ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا حَافَظَ عَلَى دِينِهِ! هِيَ سِرُّ النَّجَاحِ وَأَصْلُ الْفَلَاحِ! لِأَنَّهَا عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهَا الْعَبْدُ، قاَلَ ﷺ: (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ).
ولقد كان النبي ﷺ يعلّم الصحابة صفة الصلاة فرادى وجماعات، بل صلى على المنبر ليروه ويقتدوا به، وأمر الجميع أن يصلوا كصلاته، قال ﷺ: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)، وَلاَشَكَّ أَنَّ تَعْظِيمَ الصَّلَاةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِوَقْتِهَا، وَخُشُوعِهَا وَخُضُوعِهَا هُوَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا، وَالْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ أَجْرُهَا وَأَثَرُهَا، وَإِذَا أَمْعَنَّا النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْعَظِيمَةِ! نَجِدُ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤَدِّيهَا بِلَا رُوحٍ وَلاخُضُوعٍ وَلاخُشُوعٍ، مَعَ جُمْلَةٍ مِنَ الْأَخْطَاءِ فِيهَا.
فمن هذه الأخطاء: بل على رأسها والتي تبطل الصلاة بها وتجعلها غير نافعة لصاحبها، عدم الطمأنينة في الصلاة، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها ولا جلوسها، بل ينقرها نقرًا، ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً.
والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها، فكما أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة الفاتحة ولا تصح إلا بالركوع والسجود، فكذلك لا تصح الصلاة إلا بالطمأنينة.
وكيفية الطمأنينة في الصلاة بيّنها النبي ﷺ، قَالَ ﷺ: (إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا).
هذه كيفية الطمأنينة في الصلاة.
وَمِنَ الأَخْطَاءِ فِي الصَّلَاةِ: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لا يَقْرَأُ فِيهَا، أَوْ رُبَّمَا قَرَأَ فِي قَلْبِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ وَلا لِسَانَهُ، وَلا شَكَّ أَنَّ صَلَاةَ هَذَا بَاطِلَةٌ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ لا بُدَّ فِيهَا مِنْ قَرَاءَةٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَسْبِيحَاتٍ وَقِرَاءَةٍ لِلتَّحَيِّاتِ، فَمَنْ لَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ وَلا ِلِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ فَصَلاتُهُ لا تَصِحُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ وَيُعِيدَهَا.
وهذا لا يعني أن تجهر في الصلاة جهراً يؤذي من حولك، بل ترفع صوتك بقدر ما تُسمعُ نفسك.
ومن الأخطاء الصلاة في المسجد قبل إقامة الصلاة بدون عذر: فمن المعلوم أنه يجب على المسلم أن يصلي الجماعة في المسجد إذا قدر على ذلك، وصلاته قبل إقامة الصلاة منفردا خطأ فادح، إلا إذا وجد عذر، فلا حرج عليه أن يصلي قبل صلاة الجماعة منفرداً، ثم ينصرف، كأن يتذكر أن له مالاً يخاف عليه من السرقة أو مريضاً لا بد من مرافقته أو موعداً يتضرر بتركه، أو غير ذلك من الأعذار المسقطة لصلاة الجماعة.
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: مَنْ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ والمؤذن يُؤَذِّنُ الْأَذَانَ الثَّانِيَ، يَقِفُ يَنْتَظِرُ وَيُتَابِعُ الْآذَانَ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ شَرَعَ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ هُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِيَتَفَرَّغَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْمُؤَذِّنِ سُنَّةٌ، وَاسْتِمَاعَ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّنَةِ .
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: التَّنَفُّلُ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعَدَمُ إِدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ)
وَمِنْ الْأَخْطَاءِ: الصَّلَاةُ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ قبل أن يكتمل الصف الذي قبله، فقَدْ رَأَى ﷺ رَجُلاً يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَوَقَفَ حَتَّى انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (اسْتَقْبِلْ صَلاتَكَ أَيْ أَعِدْ صَلاَتَكَ، فَلا صَلاةَ لِرَجُلٍ فَرْدٍ خَلْفَ الصَّفِّ)
ومع وجود التباعد الجسدي بين المصلين في هذا الوقت فيعتبر الصف مكتملا إذا لم يجد مكانا مخصصا له.
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ التِي كَثُرَتِ الآنَ: الصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ، فَمَا أَكْثَرَ الرِّجَالِ الذِينَ يُصَلَّونُ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَهُمْ يَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ الْمَآذِنِ حَوْلَهُمْ، وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ، وَتَرْكُهَا مُحَرَّمٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ)
ومن الأعذار عن صلاة الجماعة في المسجد في هذا الوقت خاصة مع انتشار الوباء، كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وَمِنَ الْأَخْطَاءِ النحنحة في الصلاة بغيرعذر: هذا من العبث الذي يبطل الصلاة، إذا أكثر من ذلك وتوالت هذه النحنحة من دون سبب، من دون علة، فإن هذا من جنس العبث الذي يبطل الصلاة.
-------------
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلى خَيْرِ خَلْقِهُ أَجْمَعِينَ نَبِيُّنَا مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعين وَمَنْ اِهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أُمًّا بَعْد: عبادالله: إن مِنْ الْأَخْطَاءِ في الصلاة الدُّعَاءُ لِلْوَالِدَيْنِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: وَهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي السَّنَةِ.
فالدعاء بين السجدتين من السنن الثابتة عن النبي ﷺ، وقد ثبت عنه في ذلك عدة أحاديث .
وحاصل ما روي في هذا الدعاء أن يقال في الجلسة بين السجدتين سبع كلمات: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ، وَارْحَمْنِي ، وَاجْبُرْنِي ، وَاهْدِنِي ، وَارْزُقْنِي ، وَعَافِنِي ، وَارْفَعْنِي).
ومن الأخطاء: أن يقوم المصلي ليقضي ما فاته من الصلاة قبل أن ينتهي الإمام من التسليمة الثانية.
فإذا قام يقضي قبل التسليمة الثانية فقد أخطأ؛ لأن الصواب أن التسليمة الثانية لا بد منها، ذهب جمهور أهل العلم: إلى أن التسليمة الأولى تكفي، ولكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا بد من التسليمة الثانية، فإذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فقد ترك أمراً مفترضاً وهو الجلوس حتى يسلم إمامه، فالذي ينبغي أن يقضي الصلاة، أن يعيد الصلاة خروجاً من الخلاف، واحتياطاً لدينه.
ومما يفعله البعض: رفع اليدين بالدعاء بعد صلاة الفريضة: وهذا لم يثبت عن النبي ﷺ أنه رفع يديه بعد الفريضة بل السنة أنه يذكر الله ويدعو، لكن من دون رفع يدين بعد الفرائض الخمس، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ)
فَاتَّقُوا اللَّهِ عِبَادِ اللَّهِ، وَحَافِظُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ تَكُنْ ذُخْرًا لَكُمْ، وَأَحْضِرُوا قُلُوبَكُمْ فِيهَا، تَكُنْ نُورًا لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾
أَسْأَلُ اللّه تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصْفَاتِهِ العلا أَنْ يَفْقِهَنَا فِي صَلَاتِنَا، وَأَنْ يُعِينَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى تَصْحِيحِهَا، وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَمَّا وَقَعْنَا فِيهِ مِنْ أَخْطَاءِ، إِنَّهُ وَلِيَّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ.
اَللَّهُمَّ أَنَا نَسْأَلُكَ أَنْ تَهْدِينَا إِلَى السُّنَنِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ الفِتَنِ، اَللَّهُمَّ إِهْدِنَا إِلَى السُّنَنِ وأعذنا مِنْ الفِتَنِ
وَاُرْزُقْنَا الاِقْتِدَاءَ بِنَبِيِّكَ وَالاِقْتِدَاءَ بِسَنَتِهِ وَالتَّمَسُّكَ بِهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي سَيْطَرَتْ فِيهِ الفِتَنُ،
اَللَّهُمَّ أَعَنِّا عَلَى التَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ رَسُولِكَ وَحَبِيبِكَ ﷺ.
عباد الله: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَاِرْضِ اَللَّهُمَّ عَنِ البَرَرَةِ الأَتْقِيَّاءِ، أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَليّ، وَعَنْ جَمِيعِ الصحابةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يومِ الدِين.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسلَامَ وَالمُسلِمِين، وَأَذِلَّ الكُفرَ وَالكَافِرِين، وَانصُر عِبَادَكَ المُوحِّدِين، وَدَمِّر أَعدَاءَكَ أَعدَاءَ الدَّين، واجعَل هَذَا البَلَدَ آمِناً مُطمَئِنًّا وَسَائرَ بِلادِ المُسلِمِين.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي الأوطَانِ وَالدُّور، وَأَصلِح الأَئِمَة ووُلاةَ الأمُور، وَاجعَل وِلايَتَنَا فِيمَن خَافَكَ وَاتَّقَاك، وَاتَّبَعَ رِضَاك يَا رَبَّ العَالَمِين.
اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بك مِنْ زَوالِ نِعمَتِكَ، وَتَحوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقمَتِكَ.
اللهم ادفع عنا البلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين.
اللَّهُمَّ لا تَدَع لَنَا ذَنبَاً إلا غَفرتَه، وَلَا همّاً إلا فرّجْته، وَلا دَيناً إلا قَضيتَه، وَلَا مَريضَاً إلا شَفيتَه، وَلَا مُبتَلى إلا عَافَيتَه، وَلا عَقِيماً إلا ذَرية صَالحةً رَزَقتَه، وَلا وَلداً عَاقّاً إلا هَديتَه وَأَصلَحتَه يا ربَّ العالمين.
عِبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاءِ ذي القُرْبَى وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق